الكتاب المقدس

أليمالك وتجربة الإيمان والرحمة الإلهية

في قديم الزمان، في أرض يهوذا المباركة، كان هناك رجل تقي يدعى أليمالك. كان أليمالك يعيش في قرية صغيرة عند سفح الجبال، حيث كان يعمل في الزراعة ويرعى أغنامه. كان معروفًا بين أهل القرية بتقواه وحبه لله، وكان دائمًا ما يرفع صلواته وابتهالاته إلى الرب، طالبًا رحمته وحمايته.

في أحد الأيام، بينما كان أليمالك يجلس تحت شجرة زيتون كبيرة بالقرب من حقله، شعر بثقل كبير في قلبه. كانت الحياة قد أصبحت صعبة عليه؛ فقد تعرضت أرضه للجفاف، وأغنامه كانت تمرض واحدة تلو الأخرى. شعر أليمالك بالضعف والعجز، فرفع عينيه نحو السماء وبدأ يصلي من أعماق قلبه، مستوحيًا كلمات المزمور 86.

قال أليمالك: “يا رب، أمِلْ أذنك إليّ وأجبني، لأني محتاج ومُعْوِز. احفظ نفسي لأني تقي. خلّص عبدك الذي يتكل عليك. أنت إلهي. ارحمني يا سيد، لأني إليك أصرخ كل اليوم. فرّح نفس عبدك، لأني إليك يا سيد أرفع نفسي.”

وبينما كان أليمالك يصلي، بدأ يشعر بسلام غريب يملأ قلبه. نظر حوله فرأى سحابة بيضاء تتحرك ببطء نحو حقله، وبعد لحظات، بدأت قطرات المطر تتساقط بلطف على الأرض الجافة. كان المطر خفيفًا في البداية، ثم ازداد غزارة، حتى غمر الأرض العطشى. فرح أليمالك وشكر الرب على رحمته، وعلم أن الله قد استجاب لصلاته.

لكن اختبار أليمالك مع الرب لم ينتهِ هنا. في الأيام التالية، بدأت أغنامه تتعافى واحدة تلو الأخرى، كما أن أرضه بدأت تنتج محاصيل وفيرة. شعر أليمالك ببركة الله تحيط به من كل جانب، فقرر أن يكرس حياته أكثر لخدمة الرب وشكر نعمته.

في أحد الأمسيات، بينما كان أليمالك يجلس عند مدخل كوخه، رأى رجلاً غريبًا يقترب منه. كان الرجل يرتدي ثيابًا بسيطة، لكن وجهه كان مشعًا بنور غريب. اقترب الرجل من أليمالك وسلم عليه قائلاً: “سلام لك أيها العبد الأمين. لقد سمع الرب صلواتك ورأى إيمانك، فأرسلني لأخبرك بأنه سيكون معك في كل خطوة تخطوها.”

ارتعد أليمالك من هيبة الرجل، لكنه شعر أيضًا بالراحة والطمأنينة. سأله: “من أنت يا سيدي؟” فأجاب الرجل: “أنا ملاك الرب، أرسلني لأشجعك وأذكرك بأن الله هو إله الرحمة والمحبة. هو غفور وحنان، بطيء الغضب وكثير الإحسان والأمانة. اطلب منه وسيجيبك، ادعُه في يوم الضيق وسينقذك.”

وبعد أن قال الملاك هذه الكلمات، اختفى من أمام عيني أليمالك، تاركًا إياه في حالة من الذهول والامتنان. أدرك أليمالك أن الله لم يكن فقط يستجيب لصلواته، بل كان يعده أيضًا بحمايته ورعايته في كل الأوقات.

منذ ذلك اليوم، أصبح أليمالك أكثر إصرارًا على عبادة الرب وشكره. كان يبدأ كل يوم بصلاة الشكر، ويختمه بقراءة المزامير. وعلم أهل القرية بقصته، فبدأوا هم أيضًا يلجأون إلى الله في أوقات الشدة، متذكرين مثال أليمالك وإيمانه الراسخ.

وهكذا، عاش أليمالك بقية أيامه في سلام وبركة، متمسكًا بكلمات المزمور 86: “لأنك عظيم أنت وصانع عجائب. أنت الله وحدك. علمني يا رب طريقك فأسلك في حقك. وحدّ قلبي لخوف اسمك. أحمدك يا سيد إلهي من كل قلبي، وأمجد اسمك إلى الدهر.”

وكانت نعمة الله تحيط بأليمالك وأهل قريته، فصاروا جميعًا شاهدين على محبة الله ورحمته التي لا تنتهي.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *