الكتاب المقدس

صلاة داود: رجاء في ظل المحنة

في قديم الزمان، في أرض إسرائيل، كان هناك رجل تقي يدعى داود، الذي اختاره الرب ليكون ملكًا على شعبه. كان داود شاعرًا وموسيقيًا، وكثيرًا ما كان يرفع صلواته وأناشيده لله، معبرًا عن فرحه وحزنه، ثقته وشكواه. وفي أحد الأيام، بينما كان داود يجلس في هدوء الليل، تحت سماء مرصعة بالنجوم، شعر بثقل كبير في قلبه. كان يشعر بالوحدة والضعف، وكأن الرب قد تركه في وسط محنته. فرفع عينيه نحو السماء وصاح من أعماق روحه:

“إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ بعيدًا عن خلاصي، عن كلمات زفيري. إلهي، في النهار أدعو فلا تجيب، وفي الليل فلا سكينة لي.”

كان داود يشعر وكأن الله قد ابتعد عنه، وكأن صلواته لا تجد أذنًا تصغي لها. كان يتألم ألمًا شديدًا، ليس فقط في جسده، بل في روحه أيضًا. كان يشعر بالعار والهوان، وكأن الناس من حوله يسخرون منه ويستهزئون به. قال في قلبه:

“أما أنا فدودة لا إنسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب. كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه، وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لأنه سر به.”

كان داود يتذكر كيف أن الله كان دائمًا معه في الماضي، كيف أنقذه من مخالب الأسد والدب، وكيف جعله منتصرًا على جليات الجبار. لكن الآن، كان يشعر وكأن الله قد نسيه. ومع ذلك، في وسط هذا الألم، كان داود يثق في الله، ويعلم أنه لن يتركه إلى الأبد. فاستمر في الصلاة قائلًا:

“فأنت الذي أخرجتني من الرحم. جعلتني مطمئنًا على ثديي أمي. عليك ألقيت من البطن. من بطن أمي أنت إلهي. لا تبعد عني لأن الضيق قريب لأنه ليس معين.”

ثم بدأ داود يتذكر وعود الله الأبدية، وكيف أن الله دائمًا ما يكون مع الذين يتكلون عليه. فرفع صوته مرة أخرى، ولكن هذه المرة بثقة ورجاء:

“أنت يا رب لا تبعد. يا قوتي أسرع إلى معونتي. نج نفسي من السيف، ووحيدتي من مخلب الكلب. خلصني من فم الأسد، ومن قرون الكباش استجب لي.”

وبينما كان داود يصلي، بدأ يشعر بسلام يملأ قلبه. كان يعلم أن الله سيسمع صلاته وسيستجيب لها في وقته. فبدأ يتنبأ بمجد الله وكيف أن كل الأمم ستسجد أمامه، وكيف أن كل الأجيال ستذكر أعماله العظيمة. قال في قلبه:

“أخبر باسمك بإخوتي. في وسط الجماعة أسبحك. يا خائفي الرب سبحوه. يا كل نسل يعقوب مجدوه. واخشوه يا كل نسل إسرائيل. لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين. ولم يحجب وجهه عنه، بل عندما صرخ إليه استمع.”

وأخيرًا، انتهت صلاة داود بكلمات تسبيح وتمجيد لله، الذي لا يتخلى عن الذين يتكلون عليه. قال:

“للرب الملك. وله يسود على الأمم. يأكل ويسجد كل المعمرين في الأرض. أمامه تجثو كل القبائل. لأن للرب الملك. وهو المتسلط على الأمم. قد أكلوا وسجدوا. كل أهل التراب أمامه يجثون. ولمن لا يحيا نفسه. نسل يعبدونه. يخبر عن الرب للجيل الآتي. يأتون ويخبرون ببره. قوم سيولدون أن الرب قد فعل.”

وهكذا، انتهت صلاة داود بقلب ممتلئ بالرجاء والثقة في الله. كان يعلم أن الله، رغم كل الظروف، سيكون معه وسينقذه من كل ضيقه. وكانت هذه الصلاة، التي سجلها في المزمور الثاني والعشرين، تذكيرًا لجميع الأجيال القادمة بأن الله لا يترك الذين يتكلون عليه، وأنه دائمًا ما يكون معهم في وسط محنهم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *