في الأيام القديمة، عندما كانت الشعوب تعيش في ظل الظلم والخطيئة، تكلم الرب على لسان إشعياء النبي بكلمات تحمل في طياتها تحذيرًا شديدًا ووعدًا بالدينونة. كانت بابل، المدينة العظيمة، رمزًا للكبرياء والفساد، وقد حان وقت محاسبتها.
كانت بابل تقف شامخة كعملاقٍ لا يُقهر، مبانيها الشاهقة تلمع تحت أشعة الشمس، وشوارعها تعج بالحياة والثراء. لكن قلوب أهلها كانت مليئة بالشر والظلم. لقد نسوا الرب واتكلوا على قوتهم الذاتية، وظنوا أنهم بمنأى عن أي عقاب. لكن الرب، الذي يرى كل شيء، قرر أن يعلن دينونته عليهم.
وفي يومٍ من الأيام، بينما كان إشعياء النبي يصلي في هدوء، سمع صوت الرب يناديه: “قف يا إشعياء، واكتب ما سأعلنه لك. لأن يوم الرب قريب، وهو يوم غضب وانتقام.” ارتعد إشعياء من هول الكلمات، لكنه أطاع وأخذ قلماً وبدأ يكتب.
قال الرب: “ها أنا أُهيج على بابل شعبًا قويًا يأتي من أقاصي الأرض. سيحملون سيوفًا لا ترحم، وقلوبهم لا تعرف الشفقة. سيصعدون كعاصفةٍ عاتية، ويدمرون كل ما يقف في طريقهم. سيُسمع صراخ الأطفال، وتُسفك الدماء في الشوارع. حتى الرجال الأشداء سيرتعدون خوفًا، ووجوههم ستشحب من الرعب.”
وتابع الرب: “سيأتي يوم الرب العظيم، يوم الغضب والانتقام. ستظلم الشمس عند شروقها، والقمر لن يعطي نوره. النجوم ستسقط من السماء كأوراق الشجر في الخريف، والسماء ستتزلزل كالغيمة التي تتحرك بعنف. كل مَن يعيش في بابل سيعرف أن الرب هو الإله القدير، الذي بيده كل القوة والسلطان.”
كانت كلمات الرب قاسية، لكنها كانت عادلة. لقد أعطى الرب الفرصة لأهل بابل ليتوبوا، لكنهم اختاروا طريق الشر. والآن، حان وقت المحاسبة.
وفي تلك الأثناء، بدأت علامات الدينونة تظهر. في السماء، تجمعت سحب سوداء كثيفة، والرياح العاتية بدأت تهب بقوة. الناس في بابل بدأوا يشعرون بالخوف، لكنهم لم يعرفوا مصدره. ثم، فجأة، سمعوا صوت أبواق الحرب من بعيد. كان الجيش الذي أرسله الرب يقترب، وكانت خطواتهم تهز الأرض.
دخل الجنود المدينة كالسيل الجارف، وبدأوا في تدمير كل شيء. المباني الشاهقة انهارت كأوراق الشجر الجافة، والشوارع التي كانت تعج بالحياة أصبحت مليئة بالدماء والدموع. صراخ النساء والأطفال ملأ الهواء، لكن لم يكن هناك من يسمع أو ينقذ. حتى الملوك والأمراء، الذين كانوا يعيشون في ترف، وجدوا أنفسهم عاجزين أمام قوة الرب.
وفي وسط هذا الدمار، تذكر إشعياء النبي كلمات الرب: “بابل، جوهرة الممالك، ستصير كسدوم وعمورة. لن تُسكن إلى الأبد، ولن تُعمر مدى الدهور. الوحوش البرية ستسكن فيها، وبيوتها ستكون مليئة بالبوم. ستكون عبرة لكل الشعوب، ليعلموا أن الرب هو الإله القدير.”
وبعد أن انتهت المعركة، أصبحت بابل مدينة خربة. لم يعد هناك أثر للحياة أو الفرح. حتى الحيوانات البرية تجنبت المكان، وكأنها تعرف أن الأرض قد لُعنت.
وهكذا، تمت كلمة الرب التي تكلم بها على لسان إشعياء النبي. لقد كانت بابل رمزًا للكبرياء والخطيئة، لكنها سقطت تحت دينونة الرب. وفي النهاية، تعلمت الشعوب أن الرب هو الإله العادل، الذي لا يُستهان بغضبه، لكنه أيضًا الإله الرحيم الذي يمنح الفرصة للتوبة قبل أن يحل يوم الدينونة.
وهكذا، بقيت قصة بابل عبرة للأجيال القادمة، تذكرهم بأن طريق الشر يؤدي إلى الدمار، وأن طريق الرب هو طريق الحياة والسلام.