الكتاب المقدس

قصة مزمور ٣١ في ظل أجنحة الرب

**قصة مزمور ٣١: في ظلّ أجنحة الرب**

في أيام الملك داود، قبل أن يُمسَح ملكًا على إسرائيل، كان يمرّ بضيق شديد. فقد طاردَه الملك شاول بغضبٍ وحسد، حتى صار داود كطائرٍ مطارَد، لا يجد راحةً ولا ملجأ. في تلك الأيام العصيبة، كتب داود مزمورًا يُعبّر فيه عن ثقته بالرب، رغم العواصف التي أحاطت به.

### **الضيق واللجوء إلى الله**

كان داود يختبئ في كهوفٍ مُظلمة في برية زيف، بعيدًا عن قصور شاول الفاخرة. في إحدى الليالي، بينما كانت رياح الصحراء تعوي كذئاب جائعة، جثا داود على ركبتيه، ورفع عينيه نحو السماء. شعر وكأنّ العالم كله قد تآمر ضده: الأصدقاء خانوه، والأعداء نصبوا له الفخاخ، وحتى جسده بدأ يخور من التعب.

“يا رب، إليك ألجأ، فلا تُخزني إلى الأبد!” صلّى داود بصوتٍ خافت. “أنر عينيّ لئلاّ أغفو في الموت!”

تذكّر داود كيف أن الرب كان ملجأه دائمًا، كحصنٍ منيع لا يُقهر. رغم أن الجبال من حوله كانت تهتزّ كسفينة في عاصفة، إلا أن قلبه كان مطمئنًا. “في يديك أستودع روحي،” همس، “فأنت أيها الرب الإله الأمين قد فديتني.”

### **خيانة الأصدقاء واتكال داود على العدل الإلهي**

في أحد الأيام، وصلت أخبار إلى داود بأن أهل قريته، الذين عرفوه منذ طفولته، قد انقلبوا عليه وأصبحوا جواسيس لشاول. حتى أقرب أصدقائه، الذي كان يأكل معه خبزه، رفع عليه عقبه. تألم داود من هذه الخيانة، لكنه لم ينتقم بيده.

“يا رب، اسمع صوت تضرعي!” صلّى. “لأنّ ضيقتي قد عظمت، وعدوي صاروا أقوياء!”

لكن وسط هذا الألم، لم يفقد داود رجاءه. تذكّر وعود الرب له عندما مسحه صموئيل النبي. “لستُ أنا الذي سيبني مملكةً دائمة، بل الرب هو راعيّ وحارس حياتي.”

### **الخلاص والفرح بعد العاصفة**

وبعد سنين من الضيق، تغيّرت الأحوال. مات شاول في الحرب، وأصبح داود ملكًا على إسرائيل. وقف يومًا في هيكل الرب، ورتل مزموره القديم بصوتٍ عالٍ:

“ما أعظم صلاحك يا رب، الذي خبأته لمتّقيك! في حضنك تحميني من مكائد الناس، وتُخبئني في سرّ وجهك عن تعاظم المتكبرين!”

نظر داود إلى الوراء، فرأى كيف أن الرب كان أمينًا في كل خطوة. الضيقات لم تدم إلى الأبد، لأن رحمة الله لا تنقطع. “أحبّاء الرب كالشمس عندما تشرق بكل بهائها!” قال بفرح.

### **العبرة الأبدية**

وهكذا، ترك داود لنا درسًا عظيمًا: حتى في أحلك الليالي، عندما يبدو أن الرجاء قد تلاشى، فإنّ الله يسمع صراخنا. هو ملجأنا وحصننا، ومَن يستودع روحه بين يديه لا يخزى إلى الأبد.

“تشددوا وليتشجع قلبكم، يا جميع المنتظرين الرب!” — لأنّ من يتكل عليه لا يُخزى.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *