الكتاب المقدس

قصة يفتاح والقضاة أيام الضيق والخلاص

**قصة يفتاح والقضاة: أيام الضيق والخلاص**

في تلك الأيام، بعد موت أبيмеالك، قام الرب بإنقاذ بني إسرائيل مرة أخرى، لكنهم عادوا إلى طرقهم الشريرة وعبدوا آلهة غريبة. فتركهم الرب ليدهم، فسقطوا تحت نير الظلم والاضطهاد من أعدائهم.

### **زمن الضيق والعودة إلى الرب**

حكم إسرائيل في ذلك الوقت قضاة مختلفون، منهم تولع بن فواة من سبط يساكر، الذي قضى لإسرائيل ثلاثة وعشرين عامًا. وبعده جاء يائير الجلعادي، الذي قضى لإسرائيل اثنين وعشرين عامًا، وكان له ثلاثون ابنًا يركبون على ثلاثين جحشًا، ولهم ثلاثون مدينة في أرض جلعاد.

لكن بني إسرائيل لم يتعلموا من دروس الماضي، فعادوا إلى عبادة البعل وعشتاروث وآلهة أرام وآلهة صيدون وآلهة موآب وآلهة بني عمون وآلهة الفلسطينيين. فحمي غضب الرب عليهم، فأسلمهم ليد الفلسطينيين وبني عمون، الذين سحقوهم واضطهدوهم بلا رحمة. احتل بنو عمون أرض جلعاد وعبروا الأردن ليحاربوا حتى يهوذا وبنيامين وبيت أفرايم، فكانت ضيقة عظيمة على إسرائيل.

### **صراخ الشعب وتوبة الأمة**

بعد ثماني عشرة سنة من العذاب، صرخ بنو إسرائيل إلى الرب معترفين بخطيتهم قائلين: **”أخطأنا إليك لأننا تركنا إلهنا وعبدنا البعليم!”**

فأجابهم الرب: **”ألم أنقذكم من المصريين والأموريين وبني عمون والفلسطينيين؟ عندما صرختم إليّ خلصتكم من أيديهم. لكنكم تركتموني وعبدتم آلهة أخرى، لذلك لا أعود أنقذكم. اذهبوا واصرخوا إلى الآلهة التي اخترتموها، فلتنقذكم في وقت ضيقكم!”**

لكن بنو إسرائيل أصرّوا على التوبة، فطرحوا الآلهة الغريبة من وسطهم وعادوا إلى عبادة الرب. **”افعل بنا ما يحسن في عينيك، لكن نجنا اليوم!”** فتحنن الرب عليهم بسبب مذلّتهم وآلامهم، ولم يحتمل رؤية عذابهم بعد.

### **استعداد للمعركة واختيار القائد**

اجتمع بنو إسرائيل في المصفاة، المكان الذي اعتادوا أن يلتقوا فيه مع الرب، وصاموا وذبحوا ذبائح للاعتراف بخطاياهم. أما بنو عمون، فلما سمعوا بتجمع إسرائيل، حشدوا جيوشهم ونزلوا لمحاربتهم.

في ذلك الوقت، كان شعب جلعاد في حاجة ماسة إلى قائد يقودهم في الحرب ضد بني عمون. فذهب شيوخ جلعاد إلى يفتاح الجلعادي، الذي كان قد هرب من إخوته وسكن في أرض طوب، حيث اجتمع حوله رجال أشرار وصاروا يخرجون معه في غزوات.

قال شيوخ جلعاد ليفتاح: **”تعال كن رئيسًا لنا فنحارب بني عمون.”**

لكن يفتاح استغرب من طلبهم، لأنه كان مرفوضًا من قبل عائلته. فقال لهم: **”ألم تكرهوني وتطردوني من بيت أبي؟ فلماذا جئتم إليّ الآن إذًا؟”**

فأجابوه: **”لقد رجعنا إليك الآن لكي تذهب معنا وتحارب بني عمون، وتكون رئيسًا لنا، لكل سكان جلعاد.”**

فقبل يفتاح بعد أن أقسموا له أمام الرب أنه سيكون قائدهم. ثم ذهب إلى المصفاة وتكلم بكل كلامه أمام الرب، فامتلأ من روح الرب ليبدأ معركة التحرير.

وهكذا، بدأت رحلة جديدة في تاريخ إسرائيل، حيث أعد الله مخلصًا جديدًا لشعبه، لكن القصة لم تنتهِ هنا، لأن يفتاح كان على وشك أن يواجه تحديات عظيمة، ليس فقط في الحرب، بل أيضًا في إيمانه وعهده مع الرب…

(يتبع…)

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *