في الأيام القديمة، عندما كان النبي أليشع يسير في طريق الرب، حدثت قصة عجيبة تُظهر قدرة الله ورحمته. كان هناك امرأة من بنات الأنبياء، أرملة فقيرة، قد تركت بلا معيل بعد موت زوجها. وكان زوجها قد خاف الرب، لكنه ترك عليها دينًا كبيرًا، ولم يكن لديها ما تسدده. فجاء الدائنون يطالبونها، وهددوا بأخذ ولديها ليكونوا عبيدًا عندهم حتى يسددوا الدين.
في ذلك اليوم، كانت المرأة في حيرة شديدة، فخرجت تبحث عن النبي أليشع، لأنها عرفت أنه رجل الله. وعندما وجدته، سقطت عند قدميه باكية وقالت: “يا سيدي، زوجي قد مات، وهو كان يخاف الرب، والآن الدائنون يأخذون ولديّ ليكونوا عبيدًا!” فنظر إليها أليشع بعينين حنونتين مليئتين بالشفقة، وقال لها: “ماذا أعمل لكِ؟ أخبريني، ماذا عندكِ في البيت؟”
فأجابت المرأة بصوت خافت: “ليس عندي شيء إلا قليل من الزيت في جرّة صغيرة.” ففكر النبي لحظة، ثم قال لها: “اذهبي واطلبي من جيرانكِ أواني فارغة كثيرة، لا تقتصري. ثم أدخلي أنتِ وولديكِ البيت، وأغلقي الباب عليكم، وصبيّ من ذلك الزيت في كل الأواني الفارغة، وضعي الممتلئة جانبًا.”
فذهبت المرأة مسرعة، وطرقت أبواب جيرانها، وطلبت منهم كل الأواني الفارغة التي يمكنهم إعطاؤها إياها. وجمعت عددًا كبيرًا من الجرار والقدور، حتى لم يعد هناك مكان في البيت لإناء آخر. ثم دخلت مع ولديها، وأغلقت الباب، وبدأت تصبّ من زيتها القليل في الأواني الفارغة.
ويا للعجب! الزيت لم يتوقف عن الجريان! كلما فرغت إناء، ملأت أخرى، واستمر الزيت يفيض حتى امتلأت كل الأواني التي جمعتها. عندئذ قالت لابنها: “هاتِ إناءً آخر.” فأجابها: “ليس هناك المزيد من الأواني.” فحينئذ توقف الزيت عن الجريان.
خرجت المرأة مسرعة إلى النبي أليشع، وأخبرته بما حدث. فنظر إليها وقال: “اذهبي وبيعي الزيت، واقضي دينكِ، وعيشي أنتِ وولديكِ بما تبقى.” ففعلت كما أمرها، وبيعت كل الزيت، وسددت الدين، وبقي لديها ما يكفيها وولدها ليعيشوا بسلام.
وهكذا أظهر الله رحمته للارملة الفقيرة، إذ بارك إيمانها وطاعتها لكلمة النبي. فكانت هذه المعجزة تذكيرًا بأن الله لا يترك من يتكل عليه، بل يفيض عليهم من خيراته التي لا تنضب.