الكتاب المقدس

حكمة ناثان في قصر الملك: درس من سفر الجامعة ١٠

**قصة حكيم تحت الشمس: درس من الجامعة ١٠**

في قديم الزمان، في مدينةٍ تطلُّ على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، عاش رجلٌ حكيم يُدعى أليفاز. كان أليفاز قد قضى سنوات عمره يدرس الحكمة تحت الشمس، متأملاً في تعقيدات الحياة وغموضها. وفي أحد الأيام، بينما كان جالساً تحت شجرة زيتونٍ عتيقة، قرأ من سفر الجامعة الإصحاح العاشر، فانفتح قلبه لفهمٍ جديدٍ للحياة.

### **الجنون في مراكز القوة**

كان في المدينة ملكٌ عظيم يُدعى أدونيا، لكنه لم يكن حكيماً في كل تصرفاته. فقد أحاط نفسه بمساعدين أغبياء، بينما أهمل الرجال الأذكياء الذين كانوا يقدمون له النصح الصادق. وفي أحد الأيام، بينما كان أدونيا يجلس على عرشه، أخطأ أحد وزرائه الأغبياء خطأً فادحاً، فأغضب شعب المدينة. يقول الكاتب: *«حماقةُ واحدٍ تُفسد كثيراً من الخير»* (الجامعة ١٠:١).

وكان من بين حاشية الملك شابٌ ذكيٌ اسمه ناثان، لاحظ أن الحماقة تتفشى في القصر مثل الذباب الميت الذي يُفسد العطر. فحاول أن ينصح الملك، لكن أدونيا استهان بكلامه، ظاناً أن الحكمة لا تُجدي في أمور المُلك. لكن ناثان عرف أن *«قلب الحكيم إلى يمينه، وقلب الجاهل إلى شماله»* (الجامعة ١٠:٢). فالحكيم يعرف الطريق الصحيح، أما الجاهل فيضل حتى في أسهل الأمور.

### **الغضب والحكمة**

وفي أحد الأيام، غضب الملك أدونيا غضباً شديداً على أحد خدمه، فصرخ في وجهه أمام الجميع. لكن ناثان، الحكيم، تذكر كلمات الجامعة: *«إن غضب الحاكم عليك، فلا تترك مكانك، لأن الهدوء يخمد خطايا عظيمة»* (الجامعة ١٠:٤). فنصح الخادم أن يبقى صامتاً ولا يردُّ بغضب، فهدأ الملك بعد قليل وندم على صراخه.

لكن أحد الوزراء، واسمه راحاب، كان متعجرفاً ولا يحب النصيحة. فكلما سمع كلمة حكمة، سخِر منها. وفي يومٍ من الأيام، أصرَّ على أن يسير في طريقٍ خطرٍ بين الجبال، رغم تحذيرات ناثان. فقال له ناثان: *«من يحفر حفرةً يسقط فيها، ومن يهدم سوراً تلدغه حية»* (الجامعة ١٠:٨). لكن راحاب لم يسمع، فسقط في حفرةٍ كان قد حفرها صيادون، ولدغته أفعى سامة. فتحقق القول: الحماقة تُهلك صاحبها.

### **الحكمة تُنجي**

أما ناثان، فاستمر في حياته بحكمةٍ وعملٍ دؤوب. كان يعرف أن *«إن حدّدت الحديد فلم يُسنَد، فسيُتعب صاحبه، وأما الحكمة فهي تُنجي»* (الجامعة ١٠:١٠). فكان ي sharpen سكينته قبل العمل، ويُخطط لكل شيءٍ بحكمة. وبينما كان الآخرون يعملون بلا تروٍّ، كان هو ينجز أعماله ببراعة.

وفي النهاية، رأى أدونيا أن ناثان هو الرجل الأمين، فرفعه إلى مكانةٍ عالية في المملكة. بينما سقط الحمقى في أخطائهم. وهكذا تحققت كلمات الجامعة: *«بركةُ الملك في شفاه الحكيم، أما الجاهل فيُباد بلسانه»* (الجامعة ١٠:١٢).

### **الخاتمة: الدرس الأبدي**

وهكذا، تعلم أليفاز من هذه القصة أن الحياة تحت الشمس مليئة بالمفارقات. فالحكمة تُعلو، لكن الحماقة قد تسود في أماكن كثيرة. ومع ذلك، فإن *«الكلام الحكيم يُسمع في هدوء أكثر من صراخ الحاكم بين الجهال»* (الجامعة ١٠:١٧).

فمن يزرع حكمةً، يحصد سلاماً، ومن يزرع جهلاً، يحصد دماراً. وهكذا تبقى كلمات الجامعة نبراساً لكل من يسير في دروب الحياة، متذكراً أن *«الحكمة خيرٌ من أدوات القتال، لكن الخاطئ الواحد يُهلك خيراً كثيراً»* (الجامعة ١٠:١٩).

فليتكل الجميع على الله، الذي يعطي الحكمة لمن يطلبها بإيمان.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *