الكتاب المقدس

بناء هيكل سليمان: بيت الرب بالإيمان والطاعة

**قصة بناء هيكل سليمان**

في تلك الأيام، عندما كان الملك سليمان يحكم إسرائيل بحكمة عظيمة منحه إياها الرب، أراد أن يُنفّذ الوعد الذي قطعه الله لوالده داود، بأن يُبنى هيكل عظيم لاسم الرب. فقد قال الرب لداود: “ابنك هو الذي يبني البيت لاسمي.” وهكذا، عزم سليمان على بناء هيكلٍ يليق بمجد الرب.

### **التحضيرات العظيمة**

أدرك سليمان أن هذا العمل الجليل يتطلب موارد هائلة وحكمة في التنظيم. فاتفق مع حيرام ملك صور، الصديق القديم لداود أبيه، ليُمدّه بمواد البناء. فأرسل سليمان رسالة إلى حيرام يقول فيها:

“أنت تعلم كيف أن أبي داود لم يستطع بناء هيكلٍ لاسم الرب بسبب الحروب التي خاضها. أما الآن، فقد منحني الرب السلام من كل الجهات، فلا وجود لأعداء أو مقاومة. لذلك عزمت أن أبني هيكلاً لاسم الرب إلهي، كما وعد أبي.”

فاستجاب حيرام بفرحٍ عظيم، وقال: “مبارك الرب اليوم الذي أعطى لداود ابناً حكيماً ليقود هذا الشعب العظيم!” وأرسل حيرام خشب أرز من لبنان، وخشب سرو، مع أمهر النجارين والبنائين الفينيقيين لمساعدة سليمان في هذا المشروع الضخم.

### **جيش العمال والبنائين**

جهز سليمان جيشاً من العمال، فكان لديه ثلاثون ألفاً من الرجال، يرسلهم إلى لبنان على دفعات، عشرة آلاف كل شهر. فيعملون شهراً في قطع الأشجار ونقلها، ثم يعودون إلى بيوتهم لشهرين للراحة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ثمانون ألفاً من النحاتين والحجارين يعملون في الجبال، وسبعون ألفاً من الحمالين ينقلون الأحجار الضخمة.

كانت الجبال تئن تحت ضربات المعاول، والصخور تتشقق أمام مهارة النحاتين الذين كانوا يُشكّلون الحجارة بأحجام دقيقة قبل نقلها إلى أورشليم، حتى لا يُسمع صوت معول أو إزميل في موقع البناء نفسه، تحقيقاً لوصية الرب بالهدوء والوقار في بيت العبادة.

### **أساسات الهيكل وأحجاره العظيمة**

بدأ العمل بوضع الأساسات، فكانوا يحفرون حتى يصلوا إلى الصخر الصلب، ثم يُنزلون الحجارة الضخمة المصقولة بدقة. بعض هذه الحجارة كان طولها عشرات الأذرع، وكانت تُنقل على ألواح خشبية ثقيلة تجرها الثيران. وكان الشعب يعمل بفرحٍ وإخلاص، مدركين أنهم يبنون بيتاً للرب.

أما خشب الأرز الذي كان يأتي من لبنان، فكان يُنقل عبر البحر على طوافات إلى يافا، ومن هناك يُحمل على عربات ضخمة إلى أورشليم. كانت رائحة خشب الأرز تفوح في الجو، ممتزجة بعرق العمال وترانيمهم التي ترفعها قلوبهم المملوءة إيماناً.

### **حكمة سليمان وتدبير الله**

كان سليمان يشرف على كل شيء بنفسه، ويتفقد سير العمل يومياً. وكان الرب معه، فمنحه حكمة في الإدارة والتنظيم، حتى أن كل شيء كان يسير بسلاسة دون عوائق. وكان الشعب يحبه، لأنه لم يُثقل عليهم، بل جعل العمل منظماً وعادلاً.

وبينما كانت الحجارة تُرصّص بخشب الأرز الفاخر، كان سليمان يتذكر كلام الرب لداود: “البيت الذي تبنيه يكون عظيماً، لأن اسمي سيكون فيه إلى الأبد.” فكان قلبه يمتلئ شكراً لله الذي اختاره لإتمام هذا العمل العظيم.

وهكذا، استمر البناء سنة بعد سنة، بجهدٍ متواصل وإيمانٍ راسخ، حتى اكتمل الهيكل في مجده، وصار أعجوبة في العالم كله، شاهدة على عظمة الله وأمانة وعوده.

**وهكذا تم بناء بيت الرب، ليس فقط بالحجارة والأخشاب، بل بالإيمان والطاعة، ليكون مسكناً لاسم الرب إلى الأبد.**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *