**قصة عهد الرجاء: إرميا 31**
في أيام النبي إرميا، كانت مملكة يهوذا تعيش في ظلّ ظروف قاسية. فقد ابتعد الشعب عن الله، وتبعوا آلهة أخرى، وسقطوا في الخطيئة والظلم. لكن وسط هذه الظلمة، أعلن الربّ كلمة رجاءٍ من خلال نبيه إرميا، كلمة وعدٍ ومحبةٍ لا تُنسى.
### **الوعد بالعودة**
جلس إرميا في ساحة الهيكل، وحوله بقايا الشعب الذين لم يُسبَوا بعد إلى بابل. كان قلبه مثقلاً برؤية الدمار القادم، لكن روح الربّ حلّ عليه بقوة، وبدأ يتنبأ بكلمات مليئة بالرجاء:
“هكذا يقول الربّ: سوف أكون إلهًا لجميع عشائر إسرائيل، وهم سيكونون لي شعبًا. لأني أنا الرحيم، وسأجعلهم يعودون من أرض الشمال، ومن أقاصي الأرض. سأجمعهم كالقطيع العائد إلى مرعاه، كالابن الضال الذي يعود إلى أحضان أبيه.”
تخيل إرميا المشهد: رجال ونساء وأطفال، يسيرون عبر الجبال والوديان، بعضهم يبكي من الفرح، والبعض الآخر يركضون بلهفة نحو أرض الموعد. الربّ نفسه سيقودهم، كراعٍ أمين، يمسح دموعهم ويشفي جراحهم.
### **البكاء الذي يتحول إلى فرح**
وتابع إرميا كلام الربّ:
“اسمعوا صوت البكاء في رامة، صوت راحيل تنوح على أولادها، لأنهم لم يعودوا. لكن الربّ يقول لها: اكفّي عن بكائك، فلا داعي للدموع، لأن أولادك سيعودون من أرض العدو. هناك رجاء لمستقبلك، فذريتك ستعود إلى تخومها.”
كانت راحيل، أمّ الأسباط، ترمز إلى كل أمٍّ فقدت أبناءها في السبي. لكن الله وعد بأن دموعها لن تدوم إلى الأبد. فسيأتي يوم تُمسح فيه العيون الحزينة، ويُستبدل النوح بترانيم الفرح.
### **العهد الجديد**
ثم ارتفع صوت إرميا ليعلن أعظم وعد:
“ها أيام تأتي، يقول الربّ، وأقطع مع بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهدًا جديدًا. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر، لأنهم نقضوا عهدي. بل هذا هو العهد الذي سأقطعه معهم: سأضع شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا.”
كانت هذه النبوة عظيمة، لأنها لم تعد تتحدث عن حجارة منقوشة عليها الوصايا، بل عن قلوب متجددة بالروح القدس. فالله سيعمل من الداخل، ليُحيي إيمانهم ويجعلهم شعبًا مقدسًا له.
### **الغفران الكامل**
وتختتم النبوة بكلمات تطمئن كل خاطئ:
“لأني أصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيتهم بعد.”
لم يعد هناك حاجز بين الله وشعبه. فبالرغم من كل ما فعلوه، كان غفرانه أعظم من خطاياهم. سيُزال العار، وتُزرع البركة من جديد.
### **ختام القصة**
عاد إرميا إلى بيته، والكلمات التي نطق بها تتردد في أذنيه. كان يعلم أن الدمار قريب، لكنه رأى ما وراء الألم — رأى مجد الله الذي سيتجلى في عودة الشعب، وفي العهد الجديد الذي سيكتبه الربّ على القلوب.
وهكذا، في وسط اليأس، أعلن إرميا رجاءً لا يتزعزع: لأن محبة الربّ أبدية، ورحمته لا تنتهي.