**قصة عهد يشوع الأخير مع شعب إسرائيل**
في الأيام الأخيرة من حياة يشوع بن نون، القائد العظيم الذي قاد شعب إسرائيل إلى أرض الموعد، اجتمع جميع أسباط إسرائيل في شكيم. كانت شكيم مكانًا مقدسًا، حيث ظهر الله لإبراهيم قديمًا، وبنى يعقوب مذبحًا هناك. اجتمع الشعب أمام خيمة الاجتماع، حيث وقف يشوع، الرجل الذي شهد معجزات الرب منذ عبور البحر الأحمر حتى دخول أرض كنعان.
وقف يشوع، وقد تقدمت به السن، لكن عينيه كانتا تلمعان بحكمة وقوة إلهية. رفع صوته الجهوري وقال:
**”هكذا يقول الرب إله إسرائيل: من وراء النهر سكن آباؤكم منذ القديم، تارح أبو إبراهيم وناحور، وعبدوا آلهة أخرى. فأخذت إبراهيم أباكم من هناك، وسيرته في كل أرض كنعان، وأكثر نسله وأعطيته إسحاق. وأعطيت إسحاق يعقوب وعيسو. وأما عيسو فأعطيته جبل سعير، وأما يعقوب وبنوه فنزلوا إلى مصر.”**
استمع الشعب بانتباه، وهم يتذكرون كيف حررهم الرب من العبودية في مصر بيد قوية وذراع ممدودة. ثم تابع يشوع:
**”ثم أرسلت موسى وهارون، وضربت مصر بكل ما صنعت فيها. وبعد ذلك أخرجتكم منها. وأخرجت آباءكم من مصر، فجئتم إلى البحر، فطارد المصريون آباءكم بمركبات وفرسان إلى بحر سوف. فصرخوا إلى الرب، فجعل ظلامًا بينكم وبين المصريين، وجلب عليهم البحر فغطاهم. فرأيتم بأعينكم ما صنعت بمصر، ثم أقمتم في البرية أيامًا كثيرة.”**
تذكر الشعب معجزة عبور البحر الأحمر، وكيف أن الرب جعل المياه سورًا عن يمينهم وشمالهم. ثم واصل يشوع سرد تاريخهم المقدس:
**”ثم أتيتم إلى أرض الأموريين الساكنين في عبر الأردن، فحاربوكم. فدفعتهم بيدكم، وامتلكتم أرضهم، وأهلكتهم من أمامكم. ثم قام بالاق بن صفور ملك موآب وحارب إسرائيل، وأرسل واستدعى بلعام بن بعور ليلعنكم. فلم أسمع لبلعام، فبارككم مرارًا، وأنقذتكم من يده.”**
ثم تذكر يشوع كيف عبروا نهر الأردن، وكيف أسقط الرب أسوار أريحا أمامهم، وكيف انتصروا على ملوك الأموريين والكنعانيين. ثم قال بلهجة جادة:
**”فالآن اتقوا الرب، واعبدوه بإخلاص وأمانة. واعزلوا الآلهة التي عبدها آباؤكم في ما وراء النهر وفي مصر، واعبدوا الرب. وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب، فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون: إما الآلهة التي عبدها آباؤكم في ما وراء النهر، أو آلهة الأموريين الذين تسكنون في أرضهم. أما أنا وبيتي فنعبد الرب.”**
ساد صمت عميق في المكان. ثم أجاب الشعب بصوت واحد: **”حاشا لنا أن نترك الرب لنعبد آلهة أخرى! لأن الرب إلهنا هو الذي أصعدنا وآباءنا من أرض مصر، من بيت العبودية، والذي صنع أمام أعيننا آيات عظيمة، وحفظنا في كل الطريق الذي سرنا فيه، وفي جميع الشعوب الذين عبرنا بينهم. فنحن أيضًا نعبد الرب، لأنه هو إلهنا.”**
لكن يشوع، الذي عرف قلب الإنسان وخداعه، قال لهم: **”لا تقدرون أن تعبدوا الرب، لأنه إله قدوس، غيور، لا يغفر ذنوبكم وخطاياكم. إن تركتم الرب وعبدتم آلهة غريبة، يرجع ويضركم، ويبيدكم بعدما أحسن إليكم.”**
فأصر الشعب قائلين: **”كلا، بل نعبد الرب!”**
فقال لهم يشوع: **”أنتم شهود على أنفسكم أنكم قد اخترتم لأنفسكم الرب لتعبدوه.”** فأجابوا: **”نحن شهود.”**
فقال: **”فانزعوا الآلهة الغريبة التي بينكم، وأميلوا قلوبكم إلى الرب إله إسرائيل.”**
فاستجاب الشعب ووضعوا كل أصنامهم جانبًا، وعاهدوا الرب في ذلك اليوم. وكتب يشوع هذه الكلمات في سفر شريعة الله، وأخذ حجرًا كبيرًا ونصبه تحت البلوطة عند مقدس الرب. وقال لهم: **”هذا الحجر يكون شاهدًا علينا، لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به. فيكون شاهدا عليكم لئلا تجحدوا إلهكم.”**
ثم صرف يشوع الشعب، كل واحد إلى ملكه. وبعد هذه الأيام، مات يشوع بن نون، عبد الرب، ابن مئة وعشر سنين. ودفنوه في تيمنات حارص، في جبل أفرايم. وعاش إسرائيل مخلصًا للرب كل أيام حياة الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع، والذين عاينوا كل أعمال الرب العظيمة التي صنعها لإسرائيل.
وهكذا انتهت حياة القائد العظيم، لكن عهده مع الرب بقي شاهدًا للأجيال القادمة.