**قصة من رسالة غلاطية 5: السير في الروح**
في مدينة غلاطية، حيث تتنازع التعاليم المختلفة أذهان المؤمنين، اجتمع شيوخ الكنيسة وشعبها في أحد الأيام تحت شجرة زيتون كبيرة عند سفوح الجبل. كان الجو هادئًا، والنسيم العليل يحمل عبق الأزهار البرية. بينما كان المؤمنون يجلسون في حلقة، نهض الشيخ بولس، رسول المسيح، وبدأ يتحدث بصوته الجهوري المليء بالحكمة.
قال بولس: “أيها الإخوة والأخوات، لقد دُعينا إلى الحرية التي وهبنا إياها المسيح. ولكن احذروا، فلا تُصبح هذه الحرية فرصة للجسد، بل اخدموا بعضكم بعضًا بالمحبة.”
تطلع الحاضرون إليه بانتباه، بينما كانت عيون الأطفال تتلألأ بفضول. واصل بولس كلامه: “لأن الناموس كله يُلخص في هذه الوصية الواحدة: ‘أحبب قريبك كنفسك.’ ولكن إن كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضًا، فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضًا.”
ارتفع صوت امرأة عجوز من بين الحشد، وقالت: “يا معلم، كيف لنا أن نسير في المحبة بينما نرى بيننا من يحرضون على الختان ويقولون إنه ضروري للخلاص؟”
أجاب بولس بحزم: “أيتها الأم، من يختتن لا ينفعه شيء إن كان لا يسير في وصية المحبة. لأن الخلاص ليس بعمل الجسد، بل بالإيمان العامل بالمحبة.”
ثم أدار بولس وجهه نحو الشباب الذين كانوا يجلسون في المقدمة، وقال: “اسلكوا بالروح فلا تُكمّلوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى لا تفعلوا ما تريدون.”
ساد صمت عميق، ثم سأل شاب يدعى مرقس: “وكيف نعرف أننا نسير بالروح؟”
ابتسم بولس وأجاب: “ثمر الروح ظاهر: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس.”
أومأ الجميع برؤوسهم موافقين، بينما كانت كلماته تتردد في قلوبهم كالماء العذب. ثم أضاف بولس: “وأما الذين هم للمسيح، فقد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات. إذا كنا نعيش بالروح، فلنسر أيضًا بالروح.”
عندما انتهى بولس من كلامه، بدأ المؤمنون يتناقشون فيما بينهم، وكل واحد يتعهد بأن يسير في درب المحبة والروح. وبينما كانت الشمس تميل نحو الغروب، اختتموا لقاءهم بالصلاة، وهم يعلمون أن الحرية الحقيقية هي في اتباع المسيح والسير في نور روحه.
وهكذا، تذكّر أهل غلاطية دائمًا كلمات بولس، فساروا في المحبة، مجتهدين أن يحملوا ثمر الروح في كل يوم من أيام حياتهم.