الكتاب المقدس

قصة نعمة المرأة الفاضلة: نور بيت إيل

**قصة المرأة الفاضلة: أميرة النور**

في قديم الزمان، في مدينة صغيرة تدعى بيت إيل، عاشت امرأة تُدعى نعمة. كانت نعمة زوجة لألياقيم، رجل تقي يعمل في حقل الكرم. لكن نعمة لم تكن كأي امرأة عادية؛ فقد كانت مثالًا حيًا لما كُتب في الأمثال ٣١.

كانت أيام نعمة تبدأ قبل بزوغ الفجر. فمع أولى خيوط الضوء التي تلامس الأفق، كانت تنهض من فراشها، تتلو صلاتها بخشوع، ثم تبدأ في إعداد الخبز لبيتها. كانت رائحة الخبز الطازج تملأ الدار، فيستيقظ أولادها الخمسة وهم يشعرون بالدفء والحب. لم تكن نعمة تكتفي بإطعام عائلتها فقط، بل كانت تضع جزءًا من الخبز جانبًا للفقراء والغرباء الذين يمرون بالمدينة.

كانت نعمة ماهرة في غزل الصوف والكتان، وكانت تصنع ثيابًا جميلة لعائلتها، كما كانت تبيع الباقي في السوق. كانت تجلس عند المغزل بيديها الرشيقتين، تغزل الخيوط بخبرة، وكأنها تنسج قصصًا من الإتقان والأمانة. وكانت تجارة الثياب تزدهر، حتى أن بعض التجار من المدن المجاورة كانوا يأتون ليشتروا منها.

لكن نعمة لم تكن تعمل من أجل المال وحده، بل كانت حكمتها تكمن في إدارتها لبيتها. كانت تراقب أحوال خدمها وتُحسن معاملتهم، فكانوا يحبونها ويطيعونها بإخلاص. وفي المساء، حين يعود زوجها ألياقيم من الكرم، تجد عيناه الراحة والفرح عند رؤيتها. كان يقول لها: “يا زوجتي العزيزة، كثيرات صنعن فضيلة، لكنكِ فقتِ عليهن جميعًا.”

وذات يوم، اجتاحت المدينة عاصفة شديدة، فتهدمت بعض المنازل وتضرر المحصول. لكن بيت نعمة بقي آمِنًا، لأنها كانت قد أعدت المؤن وثبتت الأبواب قبل العاصفة. ولم تكتفِ بذلك، بل خرجت إلى جيرانها، تحمل الطعام والثياب الدافئة للمحتاجين. كان الجميع ينظرون إليها باحترام، حتى شيوخ المدينة كانوا يذكرونها في المجالس كمثال للفضيلة.

وفي إحدى الليالي، بينما كانت نعمة تخيط عباءة لابنها الصغير، دق الباب بخفة. فتحت لترى امرأة غريبة، منهكة من السفر، تطلب المأوى. رحبت بها نعمة، وأعدت لها طعامًا دافئًا، ثم سألتها عن قصتها. فاكتشفت أن المرأة هربت من مدينة مجاورة بعد أن فقدت زوجها في الحرب. لم تتردد نعمة في تقديم العون لها، وأعطتها عملًا في بيتها لتبقى بجانب عائلتها.

وبمرور السنين، كبر أولاد نعمة وأصبحوا رجالًا ونساءً حكماء، يباركهم الناس لأخلاقهم الطيبة. وعندما تقدمت نعمة في السن، جمعت أولادها وقالت لهم: “يا أبنائي، لا تخافوا الرب فحسب، بل أحبوه بكل قلوبكم. اِعملوا بالحق، وأحسنوا إلى الفقير، لأن البركة ليست في الغنى، بل في الأمانة والرحمة.”

وماتت نعمة بسلام، ودفنوها بجوار ألياقيم زوجها. لكن سيرتها بقيت تُروى في بيت إيل وفي كل المنطقة. فكانوا يقولون: “ابحثوا عن امرأة مثل نعمة، التي خافت الرب وعملت بكل قلبها، فصارت نورًا يهدي الآخرين.”

وهكذا، تحققت كلمات الأمثال ٣١: **”اِمرَأَةٌ تَخَافُ الرَّبَّ هِيَ تُمْدَحُ. أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَكُنْ أَعْمَالُهَا تُمَجِّدُهَا فِي الأَبْوَابِ.”**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *