الكتاب المقدس

**قصة إشعياء 44: عهد الله ورحمته لشعبه**

**قصة إشعياء 44: الله يشهد لشعبه**

في أيام النبي إشعياء، حينما كانت مملكة يهوذا تعاني من الضيق والاضطراب بسبب خطاياها وتهاونها في عبادة الله، قام الرب بكلمته العظيمة ليعزي شعبه ويذكرهم بمحبته الأبدية. كان الوقت قاتمًا، والشعب مشتت الأفكار بين خوفهم من الأعداء وقلقهم من المستقبل. لكن الله، في رحمته، أرسل نبيه إشعياء ليكشف لهم عن الحق العظيم: أن الرب هو خالقهم وفاديهم، ولا إله غيره.

### **الرب يختار يعقوب**

هكذا يقول الرب:
*”اِسْمَعْ يَا يَعْقُوبُ عَبْدِي، وَيَا إِسْرَائِيلُ الَّذِي اخْتَرْتُهُ. هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ صَانِعُكَ وَجَابِلُكَ مِنَ الْبَطْنِ، مُعِينُكَ: لاَ تَخَفْ يَا عَبْدِي يَا يَعْقُوبُ، وَيَا يَشُورُونَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ.”*

كانت كلمات الله تتردد في أذن النبي إشعياء كالماء العذب في أرض قاحلة. ففتح فاه ونطق بها إلى الشعب، ليعرفوا أن الرب لم ينسهم، بل هو معهم منذ البداية. فهو الذي شكلهم في الرحم، ودعاهم ليكونوا شعبه الخاص. فكيف يتركهم الآن؟

### **سكب الروح مثل النهر**

ثم وعدهم الرب بعطية عظيمة:
*”لأَنِّي أَسْكُبُ مَاءً عَلَى الْعَطْشَانِ، وَسُيُولاً عَلَى الْيَبَسِ. أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى نَسْلِكَ، وَبَرَكَتِي عَلَى ذُرِّيَّتِكَ.”*

تخيل إشعياء هذا المشهد العجيب: نهر من نعمة الله يفيض على القلوب الجافة، فيتحول اليأس إلى رجاء، والظلمة إلى نور. فالروح القدس سيعمل في وسطهم، فيجدد إيمانهم ويقويهم. فابتهج قلبه، لأنه عرف أن الله لا يتخلى عن وعوده.

### **الله هو الأول والآخر**

ثم أعلن الرب حقيقة عظيمة لتثبيت إيمانهم:
*”هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ الْجُنُودِ: أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي.”*

لم يكن هناك شك في عقل إشعياء: الله هو البداية والنهاية، وهو الذي يحكم التاريخ. فمهما اشتدت الضيقات، فهو القادر أن يخلص شعبه. فابتسم النبي في يقين، لأنه عرف أن الأصنام التي يعبدها الأعداء ليست سوى خشب وحجارة لا تنفع ولا تضر.

### **سخافة عبادة الأصنام**

ثم ضرب الله مثلاً يفضح به حماقة عبادة الأوثان:
*”إِنَّ الصَّنَّاعَ يَنْحَتُونَ خَشَبًا، وَيَطْلُونَهُ بِالذَّهَبِ وَيَضَعُونَهُ فِي الْمَعْبَدِ. فَنِصْفُهُ يُحْرَقُ فِي النَّارِ، وَنِصْفُهُ الآخَرُ يَصْنَعُ مِنْهُ إِلَهًا! فَيَسْجُدُ لَهُ وَيُصَلِّي: نَجِّنِي لأَنَّكَ إِلَهِي!”*

ضحك بعض المستمعين من هذا الوصف الساخر، بينما أحس آخرون بالخجل. كيف يعبدون تمثالاً صنعوه بأيديهم؟ كيف يطلبون النجاة من شيء لا يسمع ولا يبصر؟ فتابوا في قلوبهم، وعادوا إلى الرب الحي الذي يسمع الصلاة.

### **الرب يفدي أورشليم**

وأخيرًا، ختم الرب كلامه بوعد رائع:
*”أَنَا أَمْحُو ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا. اِفْرَحْ يَا أُورُشَلِيمُ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَدَاكِ!”*

ارتجف إشعياء من عظمة هذا الوعد. فالله لا يخلصهم لأنهم أتقياء، بل لأنه إله رحوم. سيمحو خطاياهم ويسترجعهم إليه. فابتهجت قلوب المؤمنين، وعرفوا أن الرب سيصنع معجزة لشعبه، كما فعل دائمًا.

وهكذا، انتهت النبوة، لكن رجاء الشعب تجدد. لأن كلمة الله لا ترجع فارغة، بل تثمر في الوقت المناسب. فالله أمين، وهو وحده يستحق العبادة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *