الكتاب المقدس

دعوة إشعياء إلى الحياة الأبدية

**قصة من سفر إشعياء: الدعوة إلى الحياة الأبدية**

في زمنٍ قديم، عندما كانت مملكة يهوذا تعاني من الضيق والانحدار الروحي، وقف النبي إشعياء بين الشعب يحمل رسالةً من الرب، رسالة أملٍ ورحمةٍ لا تُحد. كانت كلماته كالماء العذب في صحراء قاحلة، وكالنور الذي يشرق في ظلام الليل الحالك.

**الآيات المباركة:**
*”هلموا إلى المياه كل من يعطش، والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا. هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرًا ولبنًا.”* (إشعياء 55: 1)

كان الجو حارًا، والشمس تلسع وجوه المارة في شوارع أورشليم، لكن إشعياء وقف في الساحة العامة، صوته يرتفع فوق ضجيج الباعة والمشترين. نظر إلى الناس المتعبين، الذين سعوا وراء الخبز والفضة، لكن قلوبهم ظلت جائعة.

“لماذا تنفقون نقودكم على ما ليس خبزًا، وتعبكم على ما لا يشبع؟” صرخ إشعياء، وعيناه تلمعان بنور الحكمة الإلهية. توقف بعض المارة، بينما استمر آخرون في طريقهم، غير مكترثين. لكن الذين أصغوا، شعرت قلوبهم بوقع الكلمات، كأنها نداءٌ من السماء نفسها.

ثم واصل النبي كلامه بصوتٍ عميقٍ مليءٍ باليقين: *”أصغوا إليَّ واسمعوا، فتحيا أنفسكم. وأقطع لكم عهدًا أبديًا، مراحم داود الصادقة.”* (إشعياء 55: 3)

سكتت الأصوات حوله، وبدأ الناس يتجمعون. كان هناك شيخٌ عجوز، عيناه تفيضان بالدموع، وشابٌ منهكٌ يحمل عبء الخطيئة، وامرأةٌ يائسة تبحث عن الرجاء. كلهم التفتوا إلى إشعياء، وكأنهم رأوا في عينيه وعدًا لم يفهموه بعد، لكنه أضاء شيئًا في أعماقهم.

“إن الرب يدعوكم اليوم!” قال إشعياء، وذراعاه ممدودتان كأبٍ يستقبل أولاده. “اتركوا طرقكم القديمة، وأفكاركم الباطلة، وارجعوا إليه. فإنه يغفر بفيضٍ، لأن أفكاره ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقه.”

رنَّت الكلمات في آذانهم كجرسٍ سماوي. شعر الحاضرون أن الله ليس بعيدًا، بل قريبٌ جدًا، يمد يده لكل من يريد أن يعود إليه.

ثم رفع إشعياء عينيه إلى السماء، وكأنه يرى رؤيا، وقال: *”لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلى هناك، بل يرويان الأرض ويجعلانها تلد وتنبت، كذلك تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليَّ فارغة، بل تعمل ما سررت به، وتنجح فيما أرسلتها له.”* (إشعياء 55: 10-11)

في تلك اللحظة، هبت نسمةٌ باردةٌ، وكأن السماء نفسها تؤكد كلام النبي. بدأت القلوب تتغير، والوجوه التي كانت عابسةً أشرقت بإيمانٍ جديد. بعضهم سجدوا للرب في الحال، وآخرون قرروا أن يتركوا خطاياهم ويبدأوا حياةً جديدة.

وانتهت الكلمات، لكن الوعد بقي: وعدٌ بمغفرةٍ لا حدود لها، وبرحمةٍ أوسع من البحر، وبفرحٍ لا ينضب. لأن من يقترب إلى الرب، سيُشبع، ومن يثق به، سيجد الحياة الحقيقية.

وهكذا، في وسط الظروف الصعبة، ظهر نور الرجاء. لأن كلمة الله لا تفشل أبدًا، بل تثمر حيثما وُضعت، وتُغير كل من يؤمن بها.

**النهاية.**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *