**قصة الحكيم والزرع العجيب**
في قديم الزمان، في مدينةٍ هادئةٍ تقع بين الجبال، عاش رجلٌ حكيمٌ اسمه أليفاز. كان أليفاز معروفًا بين الناس بحكمته العميقة وفهمه لأسرار الحياة. وفي أحد الأيام، بينما كان جالسًا تحت شجرة زيتون يتأمل في خلق الله، فتح سفر الجامعة وقرأ: *”أَرْسِلْ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ، فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ. أَعْطِ نَصِيبًا لِسَبْعَةٍ وَلِثَمَانِيَةٍ، لأَنَّكَ لاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ شَرٍّ تَكُونُ عَلَى الأَرْضِ.”* (الجامعة ١١: ١-٢).
تأمل أليفاز في هذه الكلمات، وتساءل: *”كيف يمكنني أن أطبق هذه الحكمة في حياتي؟”* وفي تلك اللحظة، رأى جماعةً من الفقراء يسيرون في الطريق، حاملين أوعيتهم الفارغة، يبحثون عن قوت يومهم. فقام أليفاز ودعاهم إلى منزله، وأعطاهم خبزًا وزيتًا وعسلًا. تعجب الفقراء من كرمه، وسألوه: *”لماذا تعطينا كل هذا، وأنت لا تعرف إن كنا سنرد الجميل؟”*
ابتسم الحكيم وقال: *”الكتاب المقدس يقول: أرسل خبزك على وجه المياه. لا أعلم إن كنتم ستعودون إليّ، لكني أثق بأن الله سيجعل هذا الخير يعود إليّ في الوقت المناسب.”*
ومرت الأيام، وجاء وقت القحط. الأرض لم تُمطر، والمحاصيل جفت، حتى أن أليفاز نفسه بدأ يشعر بالجوع. وفي يومٍ من الأيام، بينما كان جالسًا حزينًا، سمع طرقًا على الباب. فتحه ليجد رجلاً غريبًا يحمل كيسًا مليئًا بالقمح والفواكه. قال الرجل: *”أنا أحد الذين ساعدتهم منذ سنوات. لقد انتقلت إلى قرية بعيدة، وعندما سمعت بالمجاعة هنا، تذكرت فضلك، فجئت لأرد الجميل.”*
فرح أليفاز وشكر الله، ثم تذكر الآية التالية في سفر الجامعة: *”إِنْ كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى السُّحُبِ فَلَنْ تَزْرَعَ، وَإِنْ كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى الرِّيحِ فَلَنْ تَحْصُدَ.”* (الجامعة ١١: ٤). فهم أن الحياة مليئة بالمخاطر، ولكن إذا انتظر الإنسان الظروف المثالية، فلن يفعل شيئًا أبدًا.
فقرر أن يزرع حقله رغم الجفاف. جيرانه سخروا منه قائلين: *”لماذا تزرع والسماء لا تمطر؟”* لكن أليفاز كان واثقًا بأن الله سيهتم بالأمر. وبعد أسابيع، بينما كان يعمل في الحقل، رأى سحابة صغيرة في الأفق. لم يهتم بها في البداية، لكن السحابة تكاثرت، وهطل المطر بغزارة! نمت بذوره وأعطت ثمارًا وفيرة، حتى أن جيرانه جاءوا يعتذرون عن شكهم.
وفي نهاية القصة، جمع أليفاز أهل القرية وقال لهم: *”الحياة مثل الزرع. لا نعرف متى يأتي المطر، ولا متى ستثمر الجهود. لكن إن انتظرنا الظروف المثالية، فلن نزرع أبدًا. أعطوا، واثقوا بالله، وافعلوا الخير دون خوف، لأنكم لا تعرفون متى سيعود البركة إليكم.”*
هكذا عاش أليفاز بتعاليم سفر الجامعة، معلّمًا الناس أن يثقوا في الله ويعملوا بجدٍ ورجاء، لأن *”طُوبَى لِلَّذِي يُمْسِكُ الصِّبْيَانَ عِنْدَ مِيلاَدِهِمْ.”* (الجامعة ١١: ٦). فالحياة هبة من الله، والأعمال الصالحة هي بذور تثمر في الوقت المناسب.