الكتاب المقدس

قصة النبي ملاخي ورسالته للكهنة والشعب

**قصة النبي ملاخي والرسالة إلى الكهنة والشعب**

في تلك الأيام، عندما كانت أورشليم تعيش في ظلّ الإمبراطورية الفارسية، كان الشعب اليهودي قد عاد من السبي البابلي وأعاد بناء الهيكل. لكن مع مرور الزمن، بدأ الإيمان يضعف، وبدأت القلوب تبتعد عن الله. في هذا الوقت، رفع الله صوت النبي ملاخي ليواجه الشعب والكهنة برسالة قوية ومباشرة.

### **الرسالة الأولى: محبة الله لإسرائيل**

جمع ملاخي الشعب في ساحة الهيكل، حيث كانوا يأتون لتقديم الذبائح، لكن قلوبهم كانت بعيدة. وقف النبي بثقة، ونظر إلى الحشد بعينين حزينتين لكنهما مشتعلتان بالغيرة المقدسة.

“هكذا يقول الرب لكم: ‘أحببتكم!'” صرخ ملاخي بصوت عالٍ.

لكن بعض الحاضرين، وخاصة الكهنة الذين كانوا يقفون بملابسهم الكهنوتية الفاخرة، تبادلوا نظرات متشككة. “كيف أظهرت لنا محبتك؟” سألوا باستخفاف.

أجاب ملاخي بلهجة حازمة: “أليس عيسو أخا يعقوب؟ لكن الرب اختار يعقوب وأحب نسله، بينما رفض عيسو وجعل جباله خرابًا. انظروا إلى أدوم، لقد دمّرها الرب بسبب شرّها، ولن تقوم مرة أخرى إلى الأبد. أما أنتم يا بيت يعقوب، فقد حفظكم الرب برحمته، فكيف تجحدون محبته؟”

ساد صمت ثقيل بين الجمع. تذكّر البعض كيف أنقذهم الله من السبي وأعادهم إلى أرض الموعد، لكن قلوبهم كانت قد تحجرت من الخطية واللامبالاة.

### **الرسالة الثانية: تهاون الكهنة في العبادة**

ثم التفت ملاخي إلى الكهنة، الذين كانوا يقفون بجلالة زائفة، ووجه كلامه إليهم بحدّة: “اسمعوا أيها الكهنة! هكذا يقول رب الجنود: إن كنتم لا تسمعون ولا تضعون في قلوبكم أن تُجِلّوا اسمي، فسألعن بركاتكم!”

ارتجف بعض الكهنة، لكن آخرين استمروا في التحدي. “بم أهنّا اسمك؟” سألوا بغطرسة.

أجاب النبي بصبر ممزوج بالحزن: “أنتم تقدّمون على مذبحي خبزًا نجسًا! تقولون: ‘مائدة الرب دنسة وطعامها حقير.’ أليس هذا ازدراءً؟ لو قدمتم ذبيحة معيبة للحاكم، هل كان يقبلها منكم؟ فالرب هو الملك العظيم، واسمه يُخشى بين الأمم، فكيف تقدمون له ما لا يقبله حتى البشر؟”

تذكّر الشعب كيف كان الكهنة يأتون بذبائح عرجاء أو عمياء أو مريضة، ويتركون أفضل المواشي لأنفسهم. لقد نسوا أن الذبيحة يجب أن تكون كاملة، رمزًا للمسيح الآتي الذي بلا عيب.

### **النداء الأخير: التوبة والعودة إلى الله**

رفع ملاخي يديه إلى السماء ودعا الشعب إلى التوبة. “أغلقوا أبواب الهيكل! لا تُشعلوا نارًا على مذبحي باطلاً! الرب لا يسرّ بكم، ولن يقبل تقدمة من أيديكم. لكن إن رجعتم إليه بقلوب كسيرة، فإنه سيفتح لكم نوافذ السماء ويغمركم ببركاته.”

لكن القلوب كانت قاسية. بعضهم انصرف ساخطًا، وآخرون ظنوا أن الله لن يحاسبهم. لكن ملاخي عرف أن رسالته ستظل تُقرأ عبر الأجيال، لتذكّر الجميع بأن الله قدوس، ولا يقبل العبادة الناقصة.

وهكذا، اختتم النبي كلامه، تاركًا إياهم أمام خيارين: إما أن يتوبوا ويعودوا إلى الرب بإخلاص، أو يواجهوا دينونته العادلة.

**وهكذا بقيت كلمات ملاخي تتردد في آذان الأتقياء، بينما ظلّ الغافلون يسيرون في طريق الهلاك، حتى جاء اليوم الذي أرسل الله فيه ابنه الوحيد، ليكون الذبيحة الكاملة التي طالما انتظرها العالم.**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *