**قصة من رسالة رومية ٨: رحلة النعماق في محبة المسيح**
في مدينة رومية العظيمة، حيث كانت الأصوات المختلفة تتعالى بين شوارعها الضيقة، كان هناك رجلٌ يُدعى أندراوس، جلس ذات مساء تحت ضوء مصباحه الخافت، يتأمل في رسالة وصلته من بولس، رسول المسيح. كانت الكلمات تلمع أمام عينيه كالنور في ظلمة الليل: **”إِذاً لا شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ”** (رومية ٨: ١).
أندراوس، الذي كان يعاني لسنوات من ثقل الخطية والخوف من الدينونة، شعر وكأن سلسلةً ثقيلةً قد تحطمت من حول قلبه. أغمض عينيه وتذكر أيامه الماضية، حين كان عبداً للخوف، يسير حسب شهوات الجسد. لكن الآن، كلمات بولس كانت تُنعش روحه كندى الصباح.
**الروح القدس: دليل الحياة الجديدة**
في اليوم التالي، بينما كان أندراوس يسير في السوق، رأى عبداً يُباع في سوق النخاسة. تذكر بولس وهو يكتب: **”لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ”** (رومية ٨: ٢). شعر أندراوس أن هذه الكلمات ليست مجرد حروف على ورق، بل هي قوة تحرير حقيقية. اقترب من العبد وهمس في أذنه: “المسيح يحررنا، حتى لو كنا عبيداً للبشر، فنحن أحرار في الروح.”
**الصراع بين الجسد والروح**
لكن الحياة لم تكن سهلة. في إحدى الليالي، بينما كان أندراوس يصلي، شعر بصراعٍ داخليّ عنيف. شهواته القديمة كانت تحاول جذبه مرة أخرى. تذكر كلمات الرسول: **”لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ”** (رومية ٨: ٦). سقط على ركبتيه وبكى، طالباً من الروح القدس أن يقويه. وفجأة، شعر بحضورٍ إلهيّ يملأ الغرفة، كنسيمٍ عليل يمسح دموعه.
**التبني: نحن أولاد الله**
في أحد أيام السبت، بينما كان يجتمع مع المؤمنين في بيت أحد الإخوة، قرأوا معاً: **”لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ”** (رومية ٨: ١٤). نظر أندراوس حوله إلى وجوه الإخوة والأخوات، ورأى في عيونهم نفس الرجاء. تذكر كيف كان وحيداً، لكن الآن صار له عائلة روحية. همس في قلبه: “أنا لست يتيماً بعد الآن، لي أبٌ في السماء.”
**الآلام والمجد الآتي**
لكن الاضطهاد زاد ضد المؤمنين. في أحد الأيام، أُلقِي القبض على صديقٍ مقربٍ لأندراوس بسبب إيمانه. شعر بالحزن، لكنه تذكر كلمات بولس: **”فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا”** (رومية ٨: ١٨). صلّى من أجل صديقه، وهو يؤمن أن كل شيء يعمل معاً للخير للذين يحبون الله.
**صلاة الروح القدس**
في ليلة مظلمة، بينما كان أندراوس يشعر بالضعف، لم يجد كلماتٍ ليصلي بها. لكنه شعر بشيءٍ عجيب—كأنّ الروح القدس نفسه يشفع فيه بأنّاتٍ لا تُنطق. تذكر المكتوب: **”وَالرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا”** (رومية ٨: ٢٦). اطمئن قلبه، لأنه عرف أن الله يسمع حتى صلواتنا التي لا نستطيع التعبير عنها.
**النصرة في المسيح**
مع مرور الأيام، نما إيمان أندراوس. كان يتأمل دائماً في ختام الإصحاح العظيم: **”وَلكِنَّنَا فِي هَذِهِ كُلِّهَا نَعْظُمُ غَالِبِينَ بِالَّذِي أَحَبَّنَا”** (رومية ٨: ٣٧). وفي يومٍ من الأيام، وقف أمام جماعة المؤمنين، وشهد قائلاً: “لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا قوات، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا!”
وهكذا، عاش أندراوس حياةً مليئة بالرجاء، حاملاً في قلبه يقين المحبة الإلهية التي لا تفشل، إلى أن التقى وجهًا لوجه مع الذي أحبه منذ الأزل.