**قصة الحكيم والملك: عظة من أمثال 21**
في قديم الزمان، في مدينة عظيمة بناها الملك “أدونيا” على قمة جبل شاهق، كانت الحكمة تُعتز كأغلى الكنوز. وكان في تلك المدينة رجل حكيم يُدعى “أليفاز”، عُرف بين الناس بفهمه العميق لكلام الرب وحكمته التي لا تُضاهى. كان أليفاز يتأمل يوميًا في كلمات سليمان الحكيم، خاصة قول الأمثال: **”قلب الملك في يد الرب كجداول مياه، حيثما شاء يُميله”** (أمثال 21:1).
وفي أحد الأيام، بينما كان أليفاز جالسًا تحت شجرة زيتون يتلو المزامير، سمع صوت صراخ يأتي من السوق. فقام مسرعًا ليرى رجلًا فقيرًا يُدعى “ناحوم” يُجر بقسوة من قبل جنود الملك، لأنه لم يستطع دفع الضرائب الباهظة. كان ناحوم رجلًا بارًا، يعمل بجد في حقله، لكن القحط أصاب الأرض ذلك العام، فلم يجد ما يقدمه للملك.
تقدم أليفاز بجرأة نحو قائد الجنود وسأله: **”لماذا تُذلّون هذا الرجل البار؟ أليس الرب هو الذي يرفع ويهين؟”** فاغتاظ القائد وقال: **”أمر الملك لا يُناقش! ومن يعترض يُعاقب!”** لكن أليفاز لم يخشَ الرد، بل قال: **”إن كان قلب الملك حقًا في يد الرب، فليتذكر أن العدل أفضل من الذبيحة”** (أمثال 21:3).
عاد أليفاز إلى بيته وصلى بكل إخلاص، طالبًا من الرب أن يلمس قلب الملك. وفي تلك الليلة، رأى الملك أدونيا حلمًا مُفزعًا: رأى نارًا تنزل من السماء وتحترق بها قصره، وصوتًا يقول: **”الظلم يُهلك الممالك، والعدل يُثبّت العرش”**. استيقاظ الملك مرتعبًا، فدعا حكماءه ليفسروا الحلم، لكنهم خافوا أن يصدعوه بالحق.
عندما سمع أليفاز بالأمر، ذهب إلى القصر دون تردد. وعندما وقف أمام الملك، قال: **”يا سيدي الملك، الحلم رسالة من الرب. لقد رأيتَ عقابًا لأنك فرضت على الشعب ما لا يطيق، ونسيت أن **”من يتبع البر والرحمة يجد حياة وكرامة”** (أمثال 21:21).**
فتح الملك قلبه لكلام أليفاز، وأمر بإطلاق سراح ناحوم وإعفاء الفقراء من الضرائب ذلك العام. ومن ذلك اليوم، أصبح أدونيا ملكًا عادلًا، يُشرك الحكماء في قراراته، ويتذكر دائمًا أن **”من يُغلق أذنيه عن صراخ الفقير، فهو أيضًا سينادي ولا يُستجاب له”** (أمثال 21:13).
وعاش الشعب في سلام، لأنهم عرفوا أن **”الرب يُحب المستقيمين، أما المنافقون فيجازيهم بالغضب”** (أمثال 21:27). وهكذا أصبحت مملكة أدونيا مثالًا يُضرب به في العدل، بفضل حكمة كلمة الرب التي لا تخطئ.