الكتاب المقدس

قصة مزمور ٧٥: عدل الله ودينونته

**قصة مزمور ٧٥: دينونة الله العادلة**

في قديم الزمان، في أرض يهوذا المباركة، اجتمع الشعب في هيكل الرب ليسبحوا ويقدموا الشكر لله العظيم. كان الملك والكهنة والشيوخ واقفين في خشوع، بينما يرتل اللاويون كلمات مزمور جديد، كُتب بوحي من الروح القدس، يتحدث عن عدل الله وقوته.

كانت الأيام التي سُجل فيها هذا المزمور أيامًا مضطربة. فقد ظهر في الأرض رجال متكبرون، يرفعون قرونهم – رمز قوتهم وكبريائهم – ضد السماء، ويتحدون ناموس الرب. كانوا يظلمون الفقراء، ويشربون كأس الخمر بلا خجل، ويتآمرون على الأتقياء. لكن وسط هذا الظلام، كان هناك بقية أمينة، تنتظر تدخل الله.

وفي أحد الأيام، وقف نبيٌ من أنبياء الرب في وسط الجماعة، وراح يعلن كلمة الله بصوت عالٍ:
**”نَحْنُ نَحْمَدُكَ يَا اَللهُ نَحْمَدُكَ، لأَنَّ اسْمَكَ قَرِيبٌ. يُخْبِرُونَ بِعَجَائِبِكَ.”** (مزمور ٧٥: ١)

ارتجف الحاضرون، لأنهم عرفوا أن الرب يتكلم. ثم تابع النبي:
**”إِنِّي آخُذُ الْوَقْتَ. أَنَا بِالاسْتِقَامَةِ أَقْضِي.”** (مزمور ٧٥: ٢)

سمع الجميع هذا الوعد الإلهي، فامتلأت قلوبهم رجاءً. فالله هو الذي يحدد الأوقات والأزمنة، وهو الذي يرفع الواحد ويضع الآخر. لم يكن الأمر متروكًا للصدفة أو لقوة البشر، بل لحكمة الرب الذي يحكم الكون.

وبينما كان النبي يتكلم، بدأت علامات تدخل الله تظهر. فقد سُحق الأشرار واحدًا تلو الآخر. بعضهم سقطوا في حروبهم، وآخرون أذلهم المرض، والبعض انكشفت مؤامراتهم أمام الملأ. أما الأتقياء، فكان الرب يرفع قرونهم – أي يمنحهم كرامة وقوة – لأنهم اتكلوا عليه.

ثم رفع النبي صوته مرة أخرى، محذرًا المتكبرين:
**”لاَ تَرْفَعُوا قَرْنَكُمْ إِلَى الْعَلاَءِ. لاَ تَتَكَلَّمُوا بِعُنُقٍ صُلْبٍ.”** (مزمور ٧٥: ٥)

لكن بعض الجبابرة استهانوا بالتحذير، وظنوا أنهم بذكائهم وقوتهم يستطيعون الهرب من دينونة الله. لكن النبي أكمل:
**”لأَنَّهُ لاَ مِنَ الْمَشْرِقِ وَلاَ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَلاَ مِنْ بَرِّيَّةِ الْجِبَالِ. بَلِ اللهُ هُوَ الْقَاضِي. هذَا يَضَعُ وَذَاكَ يَرْفَعُ.”** (مزمور ٧٥: ٦-٧)

وفجأة، بدأت الدينونة تأخذ مجراها. فالملك الظالم الذي كان يفتخر بجيشه سقط في معركة لم يتوقعها. والتاجر الغشاش الذي كان يملأ خزائنه بالمال الحرام، فقد كل شيء في ليلة واحدة. أما الفقراء والأمناء، فقد أُعطوا نعمة في عيون الجميع، وبدأت بركة الرب تظهر في حياتهم.

وفي النهاية، أدرك الجميع أن **”كَأْسًا بِيَدِ الرَّبِّ، وَخَمْرًا حَمْرَاءَ مَلآنَةُ مَزِيجًا. وَيَصُبُّ مِنْ هذَا. أَمَّا تُرَابُهَا فَإِنَّ جَمِيعَ أَشْرَارِ الأَرْضِ يَعْصِرُونَهُ وَيَشْرَبُونَهُ.”** (مزمور ٧٥: ٨)

فكأس الدينونة في يد الرب، وهو الذي يقرر من يشرب منها. أما الذين يتوكلون عليه، فينالون الرحمة، أما المتكبرون فيذوقون عواقب كبريائهم.

وهكذا، تعلم شعب الله أن يسبحوه في كل حين، لأنه هو الحاكم العادل، الذي لا يُغلب. فمهما طال الليل، فإن نور عدل الله سينتصر في النهاية. **”أَمَّا أَنَا فَأُخْبِرُ إِلَى الدَّهْرِ. أُرَنِّمُ لإِلَهِ يَعْقُوبَ. وَأَقْطَعُ كُلَّ قُرُونِ الأَشْرَارِ، وَتَرْتَفِعُ قُرُونُ الصِّدِّيقِ.”** (مزمور ٧٥: ٩-١٠)

فليتكل كل مؤمن على الرب، لأنه هو الملجأ والحصن في كل زمان.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *