**قصة العهد والبركة والتحذير (سفر اللاويين 26)**
في تلك الأيام، عندما كان بنو إسرائيل يعسكرون في برية سيناء، نزلت كلمة الرب على موسى النبي لتعلن لهم عهدًا جديدًا، عهدًا مليئًا بالوعود والتحذيرات. فجمع موسى الشيوخ ورؤساء الأسباط وأوقفهم أمام خيمة الاجتماع، حيث كان مجد الرب يظهر كسحابة نهارٍ ونار ليلاً.
وبصوتٍ عالٍ، بدأ موسى يتلو عليهم كلام الرب:
**”إذا سلكتم في فرائضي وحفظتم وصاياي وعملتم بها، فسأمنحكم بركات عظيمة!”**
ثم شرع يعدد لهم تلك البركات التي ستغمر حياتهم إذا أطاعوا الرب بإخلاص:
1. **بركات المطر والخير الوفير:**
“سأرسل المطر في أوانه، فتنزل الأمطار الغزيرة في الخريف والربيع، وتُثمر الأرض قمحًا وعنبًا وزيتونًا بوفرة. ستُخرج الأشجار ثمارها، وتُنتج الكروم عناقيدَ ممتلئة، حتى أن الحصاد سيستمر حتى موسم البذر، والبذر حتى الحصاد. ستأكلون خبزكم شبعانين، وتسكنون آمنين في أرضكم.”
2. **بركات السلام والأمان:**
“سأمنحكم سلامًا في الأرض، فلا تخافون من سيفٍ ولا من عدو. ستسقط الوحوش الكاسرة أمامكم، ولن تعبر أرضكم حربٌ مدمرة. سأجعل سيفكم قويًا، وأذل أعداءكم أمامكم، حتى أن خمسةٌ منكم يطاردون مئة، ومئة يطاردون عشرة آلاف!”
3. **بركات الحضور الإلهي:**
“سأسكن بينكم، فلا أرفضكم ولا أزدري بكم. بل سأكون إلهكم، وأنتم تكونون شعبي. أنا الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر لتحرروا من عبوديتها، وسأكسر نير العبودية من أعناقكم وأقيمكم مستقيمين.”
لكن موسى، بتوجيه من الرب، لم يكتفِ بالوعود المفرحة، بل تابع بكلمات تحذيرية قوية:
**”ولكن إن لم تسمعوا لي، ولم تعملوا بكل هذه الوصايا…”**
وهنا ساد صمتٌ رهيب، وتجهمت وجوه الحاضرين، لأنهم عرفوا أن كلمات القصاص ستأتي:
1. **المرض والهزيمة:**
“سأرسل عليكم الأمراض المدمرة، الحمى التي تستهلك العيون وتذيب الأنفس. ستبذرون بذوركم عبثًا، لأن أعداءكم سيأكلونها. سأوجه وجهي ضدكم، فتسقطون أمام أعدائكم، ويحكم عليكم مبغضوكم.”
2. **القحط والجوع:**
“سأكسر عصا خبزكم، فتعجن عشر نساء خبزكن في تنورٍ واحد، ويردن لكم الخبز بالوزن. ستأكلون ولا تشبعون، وستصرخون من الجوع، لكن السماء ستكون كالنحاس، والأرض كالحديد، فلا تمطر عليكم.”
3. **الوحوش والخراب:**
“سأرسل وحوش البرية عليك، فتسلبك أولادك، وتبيد مواشيك، وتقلل عددكم حتى تصبح الطرق مقفرة من قلة السالكين.”
4. **الحرب والسبي:**
“إن لم تتعظوا بعد هذا، سأؤدبكم سبعة أضعافٍ على خطاياكم. سأحطم كبرياء قوتكم، وأجعل سماءكم كالحديد، وأرضكم كالنحاس. تسقطون بأيدي الأعداء، ويحكم عليكم غرباء، فتفرون حتى عندما لا يطاردكم أحد!”
5. **الدمار النهائي والتشتيت:**
“وإن استمريتم في التمرد، سأجعل مدنكم خربة، وأقدسكم خرابًا. سأبددكم بين الأمم، وأجعل الأرض مقفرة حتى تستمتع هي بسبوتها التي حرمتموها منها. أما أنتم، فتعيشون مرتعبين في أراضي أعدائكم، حتى أن حفيف ورقةٍ سيُفزعكم، فتفرون كمن يهرب من السيف، وتسقطون وليس من يطاردكم!”
**لكن في النهاية، كلمتهم كلمة رجاء:**
“ومع ذلك، **إذا اعترفوا بذنوبهم وذنوب آبائهم، وتواضعوا وقبلوا تأديبي**، حينئذٍ سأذكر عهدي مع يعقوب، ومع إسحاق، ومع إبراهيم. ولن أرفضهم إلى المنتهى، لأني أنا الرب إلههم.”
فانحنى الشعب خاشعًا، وعرفوا أن طريق البركة هو الطاعة، أما العصيان فيجلب الدمار. وهكذا ختم موسى كلامه، وبقي مجد الرب يلمع فوق خيمة الاجتماع، تذكيرًا دائمًا بأن الله قدوس، وعظيم، ورحيمٌ مع التائبين.