**قصة كورش ملك فارس وإعادة بناء الهيكل**
في السنة الأولى من حكم كورش ملك فارس، تمم الرب وعده العظيم الذي تنبأ به إرميا النبي. فقد رأى الرب أن شعبه قد عانى بما فيه الكفاية خلال السبعين سنة من السبي في بابل، فحرك قلب الملك كورش، رغم أنه كان ملكاً وثنياً، ليفعل ما هو غير متوقع.
وفي يوم مشهود، بينما كان كورش جالساً في قصره الفخم في بابل، محاطاً بقواده ووزرائه، شعر بقلبه يخفق بقوة، وكأن يداً إلهية تلمسه من الداخل. فقام فجأةً، وطلب من كُتَّابه أن يكتبوا مرسوماً ملكياً يُعلن في كل أنحاء المملكة. وبصوت عالٍ مليء بالسلطان، أعلن كورش:
“هكذا يقول كورش ملك فارس: لقد منحني الرب إله السماء كل ممالك الأرض، وهو أوكل إليَّ مهمة بناء بيت له في أورشليم، في أرض يهوذا. من بينكم أيها الشعب، من هو من شعب الله، فليصعد إلى أورشليم وليبنِ الهيكل للرب إله إسرائيل، وهو الإله الذي في أورشليم. ولتكن معه بركة الرب!”
وعندما سمع اليهود هذا المرسوم، اشتعلت قلوبهم بالفرح والرجاء. لقد انتظروا هذه اللحظة طويلاً، والآن ها هي تتحقق أمام أعينهم. فبدأ رؤساء الأسباط من يهوذا وبنيامين، والكهنة واللاويون، يستعدون للعودة إلى أرض آبائهم. ولم يكتفِ كورش بإطلاق سراحهم، بل أعاد لهم كل آنية الهيكل التي كان نبوخذنصر قد نهبها من أورشليم قبل سنوات السبي الطويلة.
فأمر كورش خزائنه بأن يحضروا الكنوز الثمينة: الأباريق الذهبية والفضية، والصحون، والجامات، والمناضح، كل ما كان مخصصاً لخدمة الهيكل. فعدوها واحدةً واحدةً، وسلموها لرئيس اليهود، شيشبصر، الذي كان من النبلاء بين المسبيين. وكانت الآنية تتلألأ تحت ضوء الشمس، وكأنها تسبح الله قبل أن تعود إلى مكانها المقدس.
وهكذا، انطلق المسبيون في رحلة طويلة، حاملين معهم أمتعتهم وكنوز الهيكل، وقلوبهم مليئة بالشكر للرب الذي لم ينسَ عهده مع شعبه. وكانت هذه بداية عهد جديد، حيث سيعودون لبناء ما دمره الأعداء، ويشيدون مرة أخرى بيتاً للرب الذي أخرجهم من الظلمة إلى النور.
وهكذا تمت كلمة الرب التي قالها على فم إرميا، لأن الرب يفي بوعده دائماً، ويستخدم حتى قلوب الملوك لتحقيق مقاصده العظيمة.