**قصة من سفر أخبار الأيام الأول – الإصحاح الثاني**
في تلك الأيام القديمة، عندما كانت قبائل إسرائيل تتشكل وتتأسس، دوّن الكتبة بأمانة سجلات الأنساب، لأن معرفة الأصول والنسب كانت ذات أهمية عظيمة في عيون الرب وشعبه. وكان سفر أخبار الأيام الأول، الإصحاح الثاني، بمثابة سجل مقدس يحفظ أسماء الرجال والنساء الذين ساهموا في بناء شعب الله.
### **أبناء إسرائيل الاثنا عشر**
ابتدأ السفر بذكر أبناء إسرائيل الاثنا عشر، الذين منهم تفرعت كل قبائل بني إسرائيل. لكن الإصحاح الثاني ركز على نسل يهوذا، لأنه من هذا السبط سيأتي الملوك والمسيا المنتظر. وكان يهوذا، الابن الرابع ليعقوب، قد برز بين إخوته بقوة وشجاعة، حتى أن يعقوب قد تنبأ عنه قائلاً: “لا يزول صولجان من يهوذا ولا مشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون.”
### **نسل يهوذا**
وكان ليَهوذا خمسة أبناء: عير، أونان، شيلة، فارص، وزارح. لكن الرب سمح بأن يموت عير وأونان بسبب شرورهما، فلم يبقَ من نسلهما ذِكر. أما شيلة، فقد أعقب ولداً اسمه لاحيش، ومنه جاءت عائلات كثيرة سكنت في مناطق يهوذا.
لكن القصة الأبرز كانت في سلسلة فارص، الذي وُلد من ثامار بعد حادثة مؤلمة، لكنها كانت بمشيئة الله. فقد تزوجت ثامار من عير، ثم من أخيه أونان، وعندما رفض شيلة تزويجها بابنه الثالث، تظاهرت بزانية وأخذت من يهوذا نفسه نسله. وعندما اكتشف يهوذا أنها حامل، أراد معاقبتها، لكنها قدمت خاتمه وعصاه وخيطه دليلاً على أنه هو أبو الطفل. فاعترف يهوذا قائلاً: “هي أبر مني.” ومن هذا النسل المبارك، وُلد فارص وزارح.
### **من فارص إلى داود**
ومن فارص، وُلد حصرون، ومن حصرون جاء رام، الذي صار جداً لعوبيد، والد يسّى، أبو داود الملك. وهكذا، كانت سلسلة النسب هذه تحمل في طياتها وعود الله العظيمة، لأن من نسل يهوذا هذا سيخرج داود، الراعي الذي مسحه صموئيل ملكاً، ومن نسله سيأتي المسيح.
وكان في سجل الأنساب أسماء لامعة ورجال عظام، مثل:
– **نحشون**، رئيس سبط يهوذا في زمن الخروج من مصر، الذي شهد تقسيم الأرض الموعودة.
– **سلمون**، الذي تزوج راحاب، المرأة التي آمنت بالله وساعدت الجاسوسين في أريحا، فدخلت في سلالة المسيا.
– **بوعز**، الرجل الغني الذي تزوج راعوث الموآبية، والتي كانت مثالاً للإيمان والوفاء. ومنهما وَلَدَ عوبيد، جد داود.
### **عائلات يهوذا الأخرى**
كما ذُكرت عائلات أخرى من نسل يهوذا، مثل:
– **حصرون**، الذي تزوج في شيخوخته من ابنة ماخير، فولد له سجوب.
– **يارد**، الذي كان رئيساً في سبطه.
– **عزريا**، الذي كان من الرجال الأقوياء في زمانه.
وكانت هناك أيضاً عائلة حصرون التي تفرعت إلى قبائل عديدة، سكنت في حبرون وبيت لحم وغيرها من مدن يهوذا.
### **الخلاصة: سلسلة الوعد الإلهي**
وهكذا، كان سفر أخبار الأيام الأول، الإصحاح الثاني، ليس مجرد قائمة أسماء، بل كان سجلاً حياً لرحمة الله وأمانته في تنفيذ وعوده. فمن يهوذا، الذي اعترف بخطئه وتاب، إلى ثامار التي نالت نعمة غير متوقعة، إلى راعوث الموآبية التي دخلت في شعب الله، إلى داود الملك الذي وُلد من هذه السلالة—كلها دلائل على أن الرب يوجه التاريخ لتحقيق مقاصده المقدسة.
فليتذكر كل قارئ أن الله يعمل في كل جيل، ويستخدم حتى الخطاة التائبين ليكمل قصته العظيمة على الأرض.