الكتاب المقدس

قصة عاموس: نداء العدل والرحمة في إسرائيل

**قصة عاموس 5: نداء العدل والرحمة**

في أيامٍ قديمة، حين كانت مملكة إسرائيل الشمالية تعيش في رخاءٍ ظاهري، لكن قلوبهم ابتعدت عن الرب، أرسل الله النبي عاموس ليهتف بكلمة الحق وسط الظلام. كانت تلك الأيام أيامًا مليئة بالمظاهر الدينية الفارغة، حيث كان الشعب يقدم الذبائح ويحتفل بالأعياد، لكن قلوبهم كانت مملوءة بالظلم والفساد.

### **الرب يرفض العبادة الكاذبة**

في مدينة بيت إيل، حيث كان المذبح الذهبي يقف شامخًا، تجمع الشعب ليقدم محرقات وذبائح سلامة. الدخان المتصاعد كان كثيفًا، والهتافات تملأ المكان، لكن صوت الرب صرخ من خلال عاموس: **”أكره، رفضت أعيادكم، ولا أرتاح في اجتماعاتكم المحفلة. وإن رفعتم لي محرقات وتقدمات، لا أرضى عنها، ولا أنظر إلى ذبائح سلامة من مسمناتكم. أبعد عني ضجة أغانيك، ولا أسمع لعزف ربابكم.”**

كانت الكلمات ثقيلة كالحجارة، فالتفت الناس بدهشة، بعضهم سخر، والبعض الآخر شعر بوخز الضمير. لكن عاموس واصل كلامه بصوتٍ ملتهب بالروح: **”ولكن ليجرِ الحق كالمياه، والعدل كنهرٍ دائم!”**

### **الظلم الذي أغضب الرب**

في شوارع السامرة، كان الأغنياء يعيشون في قصور منحوتة من العاج، بينما الفقراء يُباعون بثمنٍ زهيد. القضاة يقبلون الرشاوى، والأرامل يُسحقن تحت أقدام الطامعين. في المحاكم، كان الحق يُشوه لصالح الأقوياء، والصوت الضعيف لا يُسمع.

رأى عاموس رجلاً فقيرًا يُسحَب من بيته لأنه لم يستطع سداد دينٍ بسيط، بينما جيرانه الأغنياء يشربون الخمر في أوانٍ فاخرة. فصرخ النبي: **”الذهابنون بالبائس، والمانعون عن الفقراء أن يدخلوا، سوف يهلكون في الخراب. لأني أعلم كثرة ذنوبكم وعِظَم خطاياكم، يا مضطهدي الصدّيق، الآخذين الفدية، والمائلين الفقراء في الباب!”**

### **النداء الأخير للتوبة**

لكن وسط الدينونة، كانت هناك نفحة رحمة. نادى عاموس: **”اطلبوا الرب فتحيوا، لئلا يندفع كالنار على بيت يوسف، فيأكل ولا يوجد من يطفئه في بيت إيل.”**

بعض القلوب ارتعدت، وتذكرت أيامًا سابقة حين كان الرب يقودهم في البرية. لكن أكثرهم قسّوا رقابهم. حتى الكهنة في بيت إيل قالوا لعاموس: **”يا رائي، اذهب وهرب إلى أرض يهوذا، وكل هناك خبزك، وتنبأ هناك!”**

لكن عاموس وقف شامخًا كالبلوط، وأجاب: **”لستُ أنا نبيًا ولا ابن نبي، بل راعٍ وجاني جميز. لكن الرب أخذني من وراء الغنم، وقال لي: اذهب وتنبأ على شعبي إسرائيل!”**

### **الدينونة القادمة والنور الأخير**

وانتهت الكلمات بتحذيرٍ مخيف: **”ويل للمشتاقين يوم الرب! لماذا لكم يوم الرب؟ هو ظلام لا نور!”** فاليوم الذي ينتظره البعض ليكون يوم خلاص، سيكون يوم دينونة لأنهم لم يطلبوا الحق.

لكن في وسط الظلام، بقي رجاء: **”اطلبوا الخير لا الشر، فتحيوا، فيكون الرب معكم.”** فالله لا يسر بهلاك الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا.

وهكذا، بقيت كلمات عاموس تتردد في الوديان والجبال، شاهدة أن الرب إله العدل، لكنه أيضًا إله الرحمة، الذي ينتظر التوبة حتى اللحظة الأخيرة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *