الكتاب المقدس

رحلة الخلاص: بنو إسرائيل يغادرون مصر

**الخروج الفصل الثالث عشر: رحلة الخلاص**

كان الصباح قد بدأ يبزغ فوق أرض مصر، حيث انتشر نور الفجر الذهبي على مدى الصحراء الممتدة. بعد ليلة مليئة بالاضطراب والدموع، استيقظ بنو إسرائيل على وقع صوت موسى النبي وهو ينادي: “اليوم هو يوم خلاصنا! اليوم يعتقنا الرب من عبودية مصر!”

كانت البيوت مضاءة بمصابيح الزيت، والأطفال يلهون ببراءة بينما تعد النساء خبز الفطير الذي لم يختمر، كما أوصاهم الرب. رائحة الدقيق الممزوج بالزيت تملأ الأجواء، بينما الرجال يجهزون الأمتعة والأغنام والماشية للرحيل. كان الوقت ضيقًا، فلا مجال للتأخير، لأن فرعون أخيرًا قد أذعن بعد الضربة العاشرة، ضربة موت الأبكار.

تذكر الجميع كلمات الرب التي نقلها موسى: “اذكروا هذا اليوم الذي فيه خرجتم من مصر، من بيت العبودية، فإنه بيد قوية أخرجكم الرب من هنا.” كانت القلوب ممتلئة بالرهبة والفرح معًا. لقد انتظروا هذه اللحظة أربعمائة وثلاثين سنة، والآن جاء وقت الحرية.

بدأت القبائل تتحرك، كل عائلة مع رعاتها وماشيتها. موسى في المقدمة، يحمل عصا الله، وعليه الوقار والثقة بالوعد الإلهي. وراءه هرون وشيوخ إسرائيل، ثم الجماهير التي لا تحصى، تتقدم كموج البحر. لكن موسى لم ينسَ وصية الرب: “لا تسلكوا طريق أرض الفلسطينيين، وإن كان قريبًا، لئلا تندموا إذا رأوا الحرب فترجعوا إلى مصر.”

فاختار الرب طريق البرية، نحو البحر الأحمر. كان عمود السحاب يسير أمامهم نهارًا ليظللهم من حرارة الشمس المحرقة، وعمود النار يضيء لهم ليلًا ليهديهم في ظلمة الصحراء الموحشة. كان هذا العلامة المرئية على حضور الله معهم، فلم يكن الرب يتركهم لحظة واحدة.

وفي أثناء المسير، توقف موسى عند صخرة عالية ونظر إلى الشعب الممتد أمامه. تذكر كلمات الرب: “قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم من بني إسرائيل، من الناس ومن البهائم، إنه لي.” فبدأ يشرع لهم فرائض الفصح والفطير، وكيف أن كل بكر يجب أن يفدى، لأنه علامة على أن الرب فدى أبكارهم في مصر.

كان الأطفال يسألون آباءهم: “ما هذا الخروج؟ وما معنى هذه الذبيحة؟” فيجيبهن الآباء: “بذبيحة الفصح أنقذنا الرب، وبيد قوية أخرجنا من العبودية إلى الحرية.” وهكذا أصبحت هذه القصة تتناقل من جيل إلى جيل، كتذكار أبدي لرحمة الله وقوته.

واصلوا السير، وهم يعلمون أن الطريق طويل، لكن الرب هو الذي يقود. فالمستقبل مجهول، لكن الوعد الإلهي أكيد: “أنا أصعدكم إلى أرض تفيض لبنًا وعسلًا.”

وهكذا بدأت رحلة إسرائيل، رحلة الإيمان، حيث كل خطوة كانت شهادة على أمانة الله الذي لا يتخلى عن وعده أبدًا.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *