الكتاب المقدس

قصة النبي إرميا وتحذيره للملك الشرير

**قصة النبي إرميا والملك الشرير**

في الأيام التي سبقت سقوط مملكة يهوذا، عندما كانت أورشليم تترنح تحت وطأة الخطيئة والظلم، وقف النبي إرميا في دار الملك، حيث القصور الفاخرة تلمع تحت أشعة الشمس، بينما الشعب يتألم تحت نير الجور. كان الرب قد أرسل إرميا ليواجه الملك ويعلن كلمة التحذير الإلهي.

**المشهد الأول: القصر الملكي**

دخل إرميا إلى ساحة القصر، حيث كان الملك يوشيا قد مات منذ زمن، وحكم من بعده أبناؤه الذين انحرفوا عن طرق الرب. الآن، كان الملك يكنيا (يكنياهو) جالسًا على عرش داود، محاطًا بوزرائه وجنوده، يتفاخر ببنيانه الفخم، بينما دماء المساكين تصرخ من الأرض.

وقف إرميا، رجل الرب المتواضع الملبس بثوب من الشعر، في وسط البلاط الملكي، وصوته يرتجف بقوة الروح القدس:

**”هكذا يقول الرب، إله إسرائيل: احكموا بالعدل والبر، وأنقذوا المظلوم من يد الظالم. لا تسفكوا دمًا بريئًا، ولا تبنيوا قصوركم بظلم الفقراء!”**

صمتت القاعة، وحدق الملك في النبي بغضب، لكن إرميا لم يتراجع.

**المشهد الثاني: تحذير الرب**

واصل النبي كلامه بنار الغضب المقدس: **”إن كنتم تظنون أن هذه القصور العظيمة ستُخلّد اسمكم، فاسمعوا كلمة الرب: كما يموت الحمار في الحقل بلا كرامة، هكذا سيموت كنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا! لن يُنْدَب، ولن يُدفن بكرامة، بل يُطرح جثته خارج الأسوار، وتأكلها وحوش البرية وطيور السماء!”**

ارتجف الحاضرون، لكن الملك ضحك ساخرًا: **”أتهددنا بكلامك هذا؟ نحن شعب الله المختار، ولن تسقط أورشليم!”**

لكن إرميا أومأ بحزن، وعيناه تفيضان بدموع النبوة: **”إن كنتم تعتقدون أن مجرد وجود الهيكل يحميكم، فأنتم مخطئون. الرب لا ينظر إلى البناء الحجري، بل إلى القلوب! لأنكم تركتم الناموس، وظلمتم الغريب واليتيم والأرملة، فإن الرب سيسلمكم ليد أعدائكم!”**

**المشهد الثالث: السقوط المحتوم**

بعد سنوات، تحققت كلمة إرميا. جاء نبوخذنصر ملك بابل بجيش عظيم، وحاصر أورشليم. سقطت المدينة العظيمة، وهُدم الهيكل، وأُخذ الملك يكنيا وأشراف يهوذا مكبلين بالسلاسل إلى بابل.

وفي الطريق إلى المنفى، تذكر الملك كلمات إرميا، حين رأى جثثًا ملقاة في البرية تأكلها الجوارح، فصرخ في قلبه: **”آه، لو سمعت صوت الرب!”**

لكن الوقت كان قد فات.

وهكذا تحقق قضاء الرب، لأن من يزرع ظلمًا يحصد دمارًا.

**الدرس الروحي**

تبقى كلمة إرميا تذكرنا أن الله لا يحابي أحدًا. الملك والقاضي والفقير، كلهم أمام العدل الإلهي سواء. فمن يظلم ويستغل، مصيره الخزي، ومن يحكم بالبر، يباركه الرب.

**”فَاعْمَلُوا بِالْحَقِّ وَالرَّحْمَةِ، وَاتَّكِلُوا عَلَى الرَّبِّ، لِئَلَّا تَأْتِيَ كَلِمَةُ الدَّيْنُونَةِ فَتَسْقُطُوا مِثْلَ الأَرْزِ الَّذِي قَطَعَتْهُ الرِّيحُ!”**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *