الكتاب المقدس

رؤيا إشعياء عن دينونة الرب وتجديد الأرض

**قصة نبوءة إشعياء: دينونة الرب على الأرض**

في تلك الأيام، عندما كان النبي إشعياء يسير في طرق أورشليم، أوحى إليه الرب برؤيا عظيمة عن الأيام الآتية. فجلس النبي تحت شجرة زيتون وحيدًا، ورفع عينيه نحو السماء، فانفتحت أمامه السموات، ورأى ما سيكون في آخر الأيام.

رأى إشعياء الأرض كلها وقد تغيرت. لم تعد كما عرفها، بل صارت خربة ومقفرة. رأى الجبال وقد تزلزلت من أساساتها، والتلال تهتز كسفينة في بحر هائج. رأى المدن العظيمة، التي بناها البشر بكبرياء، وقد تحولت إلى ركام. لم يبقَ فيها سوى الصمت، لأن صوت الفرح قد اختفى. اختفت ألحان العرسان والعروس، وصوت الطواحين، وضجيج الأسواق. كل شيء قد زال.

ثم سمع صوت الرب ينطلق كالرعد قائلًا: **”ها أنا أفرغ الأرض وأخليها، وأبدد وجهها، وأشتت سكانها.”** ففهم إشعياء أن الرب سيدين الأرض بسبب شر سكانها. لأنهم نقضوا عهودهم، وتعدوا الشريعة، وداسوا الوصايا. لقد أفسدوا الأرض بخطاياهم، فلوثوا التربة بدماء الأبرياء، وملأوا الجو بصراخ المظلومين.

ورأى النبي أن الدينونة ستقع على الجميع، الغني والفقير، العظيم والصغير. لن ينجو أحد. فالكاهن سيسقط مثل العامي، والسيد مثل العبد، والبائع مثل المشتري. الجميع سيقفون أمام قداسة الرب، ويذوبون من خوفه.

ثم رأى إشعياء السماء وقد اسودت، والشمس قد كُسفت، والقمر لم يعُد يضئ. والنجوم تتساقط كالتين الذي يهزه الريح العاصف. والأرض تتمايل كالسكران، وتتزلزل كالكوخ في العاصفة.

لكن في وسط هذا الدمار، رأى النبي بقية صغيرة ترفع أصواتها بالتمجيد. هؤلاء هم الذين تمسكوا بالرب، ففي الشرق والغرب، على شواطئ البحار وفي قمم الجبال، كان هناك من يصرخ: **”مجدٌ للبار! مجدٌ للرب!”** فهم لم يفقدوا رجاءهم، لأنهم عرفوا أن الرب، رغم غضبه القدوس، هو رحيمٌ وأمين.

وأخيرًا، رأى إشعياء ملكوت الرب يُعلن في أورشليم العليا، حيث يجتمع كل الأبرار أمام العرش، ويُمسح كل دمعة من عيونهم. عندها فهم أن دينونة الرب، رغم قسوتها، هي بداية تجديد كل شيء. فالرب سيملك في النهاية، وسيعود السلام إلى الأرض.

وهكذا كتب إشعياء هذه النبوءة ليعرف الناس أن طريق الشر يؤدي إلى الخراب، ولكن رحمة الرب تنتظر التائبين. فليتكل كل إنسان على الرب، لأنه وحده ملجأ الأمان في يوم الدينونة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *