**قصة النبي ملاخي والكهنة غير الأمناء**
في تلك الأيام، عندما كان شعب إسرائيل يعود من السبي البابلي، أرسل الله النبي ملاخي ليكلم شعبه وكهنته. كانت أورشليم قد أعيد بناؤها، وهيكل الرب أقيم من جديد، لكن قلوب الكثيرين، وخاصة الكهنة، ابتعدت عن مخافة الله.
كان الكهنة، الذين كان من المفترض أن يكونوا وسطاء بين الله وشعبه، قد أضاعوا رسالتهم. بدلًا من أن يعلموا الشريعة بغيرة وقداسة، أصبحوا مهملين في خدمتهم. كانوا يقدمون ذبائح فاسدة، حيوانات عمياء وعرجاء ومريضة، على مذبح الرب. ومع أن الناموس أوصى بأن تكون الذبائح بلا عيب، فإنهم احتقروا اسم الرب العظيم وقدموا ما رفضوا أن يقدموه للحاكم الأرضي.
فوقف ملاخي، رجل الله، في دار الهيكل، وصوته يهز الأعمدة القديمة: **”اسمعوا أيها الكهنة! هذا الأمر لكم. إن كنتم لا تسمعون، ولا تضعون في قلوبكم أن تعطوا مجدًا لاسمي، يقول رب الجنود، فإني أرسل عليكم اللعنة وألعن بركاتكم!”**
ساد صمت ثقيل في الهيكل. حتى حراس الباب توقفوا عن حركتهم. كان غضب الرب واضحًا في كلمات النبي. ثم واصل ملاخي كلامه: **”ها أنا أنكسر ذراعكم، وألقي الروث في وجوهكم، روث أعيادكم، وتكونون مرفوضين معه!”**
تذكر الكهنة عهد الله مع لاوي، الجد الأكبر للكهنة، الذي خافه وأطاع وصاياه. كان لاوي رجلًا تقيًا، مشى مع الله بقلب كامل، وعلم الشعب الحق بلا محاباة. لكن أحفاده الآن خانوا العهد. لقد أضلوا الشعب بتعليمهم الخاطئ، وأظهروا المحاباة في أحكامهم، فجلبوا دينونة على أنفسهم.
ثم التفت ملاخي إلى الشعب، الذين تأثروا بفساد قادتهم، فقال: **”ألم يخلقكم الله أبًا واحدًا؟ أليس إله واحد خلقكم جميعًا؟ فلم تخون الرجل أخاه، وتدنس عهد آبائكم؟”**
كانت الخيانة قد تفشت بينهم. رجال يطلِّقون نساءهم بلا سبب، نساء صالحات تبعن الرب منذ شبابهن، فقط ليتزوجوا نساء غريبات يعبدن الأوثان. بكى ملاخي لأنهم دنسوا قدسية الزواج الذي أقامه الله. **”الرب شاهد بينك وبين امرأة شبابك، التي خنتها مع أنها رفيقتك وزوجة عهدك!”** هكذا قال النبي.
لكن في وسط هذا الظلام، كانت هناك بقية أمينة. رجال ونساء خافوا الرب وتكلموا مع بعضهم، والرب أصغى إليهم. **”لهم سأكون رحيمًا، كما يرحم الأب ابنه الذي يخدمه.”**
وهكذا انتهت كلمات ملاخي بتحذير شديد للخطاة، وبأمل للذين يثبتون في الإيمان. فإن الرب سيأتي فجأة إلى هيكله، كالنار المصفاة التي تذيب الشر وتطهر البار. لكن من يستطيع أن يحتمل يوم مجيئه؟