الكتاب المقدس

قصة مزمور 108: انتصار بالنعمة والإيمان

**قصة مزمور 108: انتصار بالنعمة والإيمان**

في قديم الأيام، عندما كانت مملكة إسرائيل ممزقة بين الضعفاء والأقوياء، وقف الملك داود في قصرِه في أورشليم تحت ضوء القمر الفضيّ، يشعر بثقل المسؤولية على كتفيه. كانت الأمم المحيطة به تتربص بمملكته، والقلوب الخائفة تنتظر علامة من الرب. فرفع داود عينيه نحو السماء وفتح قلبه أمام خالقه، مُردِّدًا كلمات المزمور 108 بنفسٍ ملتهبة بالإيمان.

**”يا الله، قلبي مُستعد. سأُغنّي وأُرنّم، حتى مجدي يَستيقظ!”**

كانت كلماته تملأ الليل هدوءًا وقداسة، وكأنّ الملائكة نفسها تشاركه التسبيح. تذكر داود كيف أنقذه الله من بين مخالب الأسود والدببة حينما كان راعيًا صغيرًا، وكيف جعله ملكًا على شعبه بالرغم من ضعفه وخطاياه. الآن، وهو يواجه أعداءً أشدّاء، لم يعتمد على قوّته أو حكمته، بل على نعمة الله التي لا تُقهر.

**”لأن رحمتك أعظم من السماوات، وحقّك يصل إلى السحاب.”**

في تلك اللحظة، شعر داود كأنّ سحب المجد تنفتح، ويد الله تمتد لتُمسك بيمينه. فاستعاد ثقته بأن النصر ليس بالسيف أو الجيش، بل بإرادة الرب. فأمر قادته بالاستعداد للمعركة، لكنه أكّد لهم: **”ليس بقوّتنا ننتصر، بل باسم الرب إلهنا!”**

وفي اليوم التالي، عندما تقدّمت جيوش أعدائه كالسيل الجارف، وقف جنود إسرائيل صفًّا واحدًا، ورفعوا أصواتهم مع ملكهم:

**”هل لي بعيدوم؟ هل لي بصخرةٍ حصينة؟ من سيقودني إلى المدينة المحصّنة؟ من سيُخضع أعدائي لي؟”**

ثم أجابوا كبنيانٍ واحد: **”إنه الله! الله وحده سينزع النصر من بين أيديهم!”**

وهكذا، خاضوا المعركة ليس بقدرتهم، بل بإيمانهم. ورأى داود بعينيه كيف حوّل الربّ هزيمة محققة إلى انتصار مذهل. فسقط الأعداء كالذباب أمام جبروت السماء، وانهزموا دون أن تتحرك سيفٌ واحدٌ من إسرائيل إلا بتدبير إلهي.

وعندما عاد الشعب منتصرًا، جمعهم داود أمام خيمة الاجتماع وسبّحوا جميعًا:

**”بِاللهِ نَصنَعُ بِبَأْسٍ، وَهُوَ يَدوسُ أعداءَنَا!”**

فكانت تلك المعجزة تذكيرًا لهم بأن الله لا يترك من يتكل عليه، ورحمته لا تُقاس، وحكمته لا تُدرك. ومن ذلك اليوم، صار المزمور 108 نشيدَ انتصارٍ لكلِّ من يؤمن بأن النعمة الإلهية تكفي لتحويل المستحيل إلى ممكن.

وهكذا، نتعلم من داود أن القلب المستعدّ للتسبيح هو القلب الذي يرى معجزات الله في أحلك الظروف. فمهما بلغت قوة الأعداء أو ضعفنا، يبقى الله هو الملجأ والحصن، ومَن يثق به لا يُخزى إلى الأبد.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *