الكتاب المقدس

سقوط إسرائيل وسبي آشور

**قصة سقوط مملكة إسرائيل ونفي الشعب إلى آشور**

في تلك الأيام، حين كان هوشع بن أيلة ملكًا على إسرائيل في السامرة، كانت خطايا الشعب قد بلغت عنان السماء. فقد تركوا وصايا الرب إلههم الذي أخرج آباءهم من أرض مصر، وساروا وراء آلهة الأمم التي حولهم، وعبدوا الأصنام التي نصَبها ملوك إسرائيل. فكانوا يقدمون البخور على المرتفعات، وينصبون التماثيل في كل مكان، تحت كل شجرة خضراء، ويذبحون لأوثان لا تنفع ولا تضر.

وكان الرب قد أنذرهم مرارًا على ألسنة أنبيائه، قائلًا: “ارجعوا عن طرقكم الشريرة واحفظوا وصاياي وفرائضي، حسب كل الشريعة التي أوصيت بها آباءكم، والتي أرسلتها إليكم على يد عبيدي الأنبياء.” لكنهم لم يسمعوا، بل قسّوا رقابهم كآبائهم الذين لم يؤمنوا بالرب إلههم.

وزادوا في شرهم، فرفضوا فرائض الرب وعهده الذي قطعه مع آبائهم، واتبعوا الأمم الوثنية في عبادتها الباطلة. حتى إنهم صنعوا لهم تماثيل مسبوكة من ذهبٍ وفضةٍ، وعبدوا البعل وعشتاروت، وسجدوا لجميع أجرام السماء. وأضلّوا أولادهم في عبادة الأصنام، حتى امتلأت الأرض بالسحر والعِرافة، وبيع الظلم في الأسواق، وسفك الدماء البريئة.

فغضب الرب عليهم جدًا، ونزعهم من أمام وجهه، ولم يبق منهم إلا سبط يهوذا وحده. ولكن حتى يهوذا لم يحفظوا وصايا الرب إلههم، بل ساروا في خطايا إسرائيل. فرفض الرب كل نسل إسرائيل، وأذلّهم ودفعهم ليد الناهبين، حتى طرحهم من أمامه.

وفي السنة التاسعة من ملك هوشع، صعد شلمنآسر ملك آشور على السامرة وحاصرها. وبعد ثلاث سنوات، استولى عليها، وسبى إسرائيل إلى آشور، وأسكنهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي. وكان ذلك لأن بني إسرائيل أخطأوا إلى الرب إلههم الذي أصعدهم من أرض مصر، من تحت يد فرعون، وخافوا من آلهة أخرى وساروا في فرائض الأمم الذين طردهم الرب من أمامهم.

وأتى ملك آشور بأقوام من بابل وكوث وعَوا وحَمَاث وسَفَروَايم، وأسكنهم في مدن السامرة عوضًا عن بني إسرائيل. فلما ابتدأوا يسكنون هناك، لم يتقوا الرب، فأرسل عليهم الأسود فقتلت منهم. فأخبروا ملك آشور قائلين: “الأمم الذين سبيتهم وأسكنتهم في مدن السامرة لا يعرفون قضاء إله الأرض، فأرسل عليهم الأسود فها هم يقتلونهم.”

فأمر الملك بأن يُرسل أحد الكهنة الذين سبوا من السامرة ليعلمهم فرائض إله الأرض. فأتى واحد من الكهنة المنفيين وسكن في بيت إيل، وعلّمهم كيف يتقون الرب. لكن هؤلاء الأمم صنعوا لأنفسهم آلهة، ووضعوها في بيوت المرتفعات التي بناها الإسرائيليون. فكان أهل بابل يعبدون صنمًا اسمه سكّوت بنوت، وأهل كوث يعبدون نرجل، وأهل حَمَاث يعبدون أشيما. والعوّيون كانوا يعبدون نيبح وترتاق، والسَفَروَايميون كانوا يحرقون أولادهم في النار لأدْرَمَلَك وعَنَمَلَك.

فكانوا يتقون الرب ويعبدون آلهتهم أيضًا، حسب عادة الأمم الذين سبوهم من هناك. حتى هذا اليوم، أولادهم وأحفادهم يعملون كأسلافهم.

وهكذا تمت كلمة الرب التي تكلم بها على لسان الأنبياء، إذ قال: “إني أرفع يديّ وأحلف أن إسرائيل سينفى من هذه الأرض، ويصير مثار سخرية بين جميع الشعوب، لأنهم عصوا وصاياي وتبعوا آلهة غريبة. فمن أجل خطاياهم، أطرحهم من أمام وجهي، وأسلّمهم لأعدائهم.”

فصار السامريون خليطًا من الأمم، يعبدون الرب ظاهريًا، لكن قلوبهم بعيدة عنه. أما بنو إسرائيل، فلم يعودوا إلى أرضهم، بل تشتتوا في الممالك البعيدة، وصاروا عبرة للأجيال القادمة.

وهكذا تمّ القضاء الإلهي على مملكة الشمال، لأنهم تركوا الرب واتبعوا الباطل. أما يهوذا، فبقيت في أورشليم، لكنها أيضًا لم تكن بمنأى عن التحذير الإلهي، إذ كانت خطاياها تتراكم، والرب يراقبها بعين الغضب والرحمة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *