الكتاب المقدس

إرميا 12: صراع النبي مع عدالة الله وتعاليمه

**قصة إرميا 12: صراع النبي مع عدالة الله**

في أيام يوشيا الملك، وقف إرميا النبي في ساحات أورشليم، ينظر إلى السماء بقلب مثقل بالأسئلة. كانت رياح الشك تعصف في داخله، بينما كانت أرض يهوذا تزداد فسادًا. نظر حوله فرأى الأشرار يزدهرون، كأشجار غرسها الرب فاستقرت جذورها في الأرض، بينما هو، النبي الأمين، يعاني من الاضطهاد والرفض.

رفع إرميا عينيه إلى السماء وصاح: **”يارب، إن كنت عادلاً، فلماذا ينجح الأشرار؟ لماذا يعيش الخائِنون في راحة، بينما أنا، خادمك، أتألم؟”**

كانت كلماته تخرج من أعماق قلبه كالنار المتقدة. لقد رأى الأشرار يخدعون، يسرقون، بل ويقتلون الأبرياء، ومع ذلك يفلتون من العقاب. أما هو، الذي سار في طريق الرب بكل أمانة، فقد تعرض للسخرية والتهديد. حتى أقرباؤه خانهوا، ووضعوا له الفخاخ.

فأجابه الرب بصوت عاصف، كالرعد الذي يهز الجبال: **”إن تعبتَ في الجري مع الراجلين فكيف تنافس الخيل؟ وإن سقطت في أرض السلام فماذا ستفعل في غابة الأردن؟”**

كانت كلمات الرب كالسيف الحاد تقطع شكوك إرميا. لقد كان الرب يذكّره بأن التحديات التي يواجهها الآن ليست سوى بداية الطريق. فإذا كان يشعر بالإرهاق الآن، فكيف سيواجه الأيام الأصعب القادمة؟

ثم واصل الرب كلامه، مذكرًا إرميا بأن حتى أقرباءه قد خانوه، لأن قلوبهم كانت مليئة بالخداع. لكن الرب لم يترك إرميا بلا رجاء. فقد وعده بأنه سينتقم من الأشرار، وسيقلعهم كالأعشاب الضارة من أرض الموعد. **”سأجعل بيت إسرائيل كأسير في يد أعدائهم، لأنهم تخلوا عني وعبدوا آلهة غريبة.”**

لكن في وسط الدينونة، كانت هناك نعمة. فقد وعد الرب بأنه إذا تاب الشعب ورجع إليه، فسيعيدهم من السبي ويباركهم مرة أخرى.

هزت هذه الكلمات قلب إرميا. لقد فهم أن طرق الرب أعلى من طرق البشر، وأن العدالة الإلهية لا تُقاس بالنجاح الزمني. فسجد إرميا أمام الرب، وواصل رسالته بثبات، عارفًا أن الله لن يتخلى عن البار، حتى في أحلك الأوقات.

وهكذا، تعلم إرميا أن الثقة بالرب تتطلب إيمانًا يتجاوز الفهم البشري، لأن الله عادل وقدير، وسيجازي كل إنسان حسب أعماله، في الوقت المناسب.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *