**قصة النبي عاموس والإدانة ضد الترف والغطرسة**
في أيام النبي عاموس، كانت مملكة إسرائيل الشمالية تعيش في رخاء مادي ظاهر، لكنها كانت غارقة في الخطيئة والفساد. كان الأغنياء يعيشون في ترف باذخ، بينما الفقراء يُظلمون ويُهملون. وفي وسط هذا الانهيار الأخلاقي، أرسل الله عاموس ليواجه القادة والشعب بكلمة دينونة قاسية لكنها عادلة.
### **الرفاهية والغطرسة في السامرة**
في مدينة السامرة العظيمة، كانت القصور الفاخرة تنتشر على التلال، مبنية بالحجارة المنحوتة والعاج الثمين. كان النبلاء والأثرياء يستلقون على أسرة مزينة بالذهب، ويتكئون على وسائد من أفخر الأقمشة. كانت موائدهم تزدان بأطايب اللحوم وأفضل الخمور، بينما الموسيقيون يعزفون لهم ألحانًا مطربة. كانوا يظنون أنهم في أمان، وأن ثروتهم وقوتهم تحميهم من أي سوء.
لكن في خضم هذا الترف، كان الظلم ينتشر كالوباء. الفقراء يُباعون بالفضة، والمحتاجون يُبادلون بزوج من الأحذية. القضاة يقبلون الرشاوى، والضعفاء يئنون تحت وطأة الظلم. كانوا يرفضون سماع صوت الرب، ويستهزئون بالأنبياء الذين يحذرونهم من العقاب الوشيك.
### **كلمة الرب عن طريق عاموس**
وفي أحد الأيام، وقف عاموس، الراعي البسيط من تَقُوع، في شوارع السامرة ونادى بصوت عالٍ:
**”ويل للمستريحين في صهيون، والمطمئنين في جبل السامرة! ويل للذين يتكئون على أسرة من العاج، ويتمددون على فرشهم، ويأكلون خرافًا من القطيع وعجولًا من وسط الصيرة! الذين يهذون بألحان القيثارة، ويخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود! الذين يشربون من كؤوس الخمر، ويدهنون بأفضل الزيوت، ولا يبالون بإنكسار يوسف!”**
كانت كلماته كالسيف الحاد تقطع هواء الغرور الذي يحيط بهم. لكن القادة استهزأوا به، وقالوا في قلوبهم: “من هو هذا الراعي الجلف الذي يتجرأ على تهديدنا؟ ألسنا نحن شعب الله المختار؟ أليست أرضنا مزدهرة وجيوشنا قوية؟”
### **تحذير من الدمار القادم**
لكن عاموس استمر في كلامه، ونطق بما أعلنه له الرب:
**”لذلك الآن سيساقون في طليعة السبي، وينتهي فرح المتكئين! لأن الرب قد أقسم بذاته: إني أكره كبرياء يعقوب، وأبغض قصوره، فأسلم المدينة وكل ما فيها.”**
ثم وصف النبي الدمار المفصلي الذي سيأتي: الجنود الأشوريون سيدخلون كالسيل الجارف، يهدمون القصور، ويذبحون الأبرياء والأثمة دون تمييز. البيوت العاجية ستتحول إلى خراب، والأجساد المترفة ستُلقى في الشوارع دون دفن. لن ينجو أحد، لأن دينونة الرب ستطال الجميع.
### **العاقبة المؤلمة**
وبعد سنوات قليلة، تحققت كلمة الرب. جاءت جيوش أشور كالعاصفة، وحطمت أسوار السامرة، وأحرقت القصور الفاخرة. الأغنياء الذين كانوا يتكئون على موائدهم أصبحوا عبيدًا في أرض غريبة. أولئك الذين ضحكوا على تحذيرات عاموس وجدوا أنفسهم يبكون في منفى بعيد.
وهكذا أظهر الرب أن الترف والظلم لا يدومان، وأن الدينونة آتية لا محالة على كل من يتجاهل عدالة الله ويظلم الفقير. لكن في وسط هذا التحذير القاسي، بقي رجاء خفي: فالله لا يرفض توبة التائبين، ومن يعدل ويطلب الرحمة يجدها أمام عينيه.
**فليتذكر كل من يقرأ هذه القصة أن الغنى ليس خطيئة، لكن نسيان الله وظلم الضعيف هو الهلاك بعينه.**