**قصة محرقة دائمة وعدل الرب**
في تلك الأيام، عندما كان بنو إسرائيل يسيرون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، أوصى الرب موسى النبي بتعليمات دقيقة بخصوص الذبائح والتقدمات. وكان من بين هذه الوصايا أمرٌ هام يتعلق بالمحرقة الدائمة، تلك التقدسة التي لا تنطفئ نارها أبدًا.
ففي سفر اللاويين، الإصحاح السادس، كلم الرب موسى قائلًا: **”أوصِ هرون وبنيه قائلًا: هذه هي شريعة المحرقة. إنها المحرقة الموقدة على المذبح كل الليل إلى الصباح، ونار المذبح تظل مشتعلة فيها.”**
وكان هرون الكاهن وبنوه يقومون بهذه الخدمة المقدسة بكل أمانة. فكل يوم، مع بزوغ الفجر، كان الكاهن يلبس ثياب الكتان النقية، ويرتدي السراويل الكتانية لستر جسده، ويحمل رماد المحرقة التي أكلتها النار طوال الليل. وكان يضع الرماد بجانب المذبح في مكان طاهر. ثم يخلع ثيابه الكهنوتية ويلبس ثيابًا أخرى ليخرج بالرماد خارج المحطة إلى مكان نظيف.
وكانت نار المذبح لا تُطفأ أبدًا، لأنها نار مقدسة أوقدها الرب نفسه في اليوم الذي تم فيه تدشين خيمة الاجتماع. فقد نزلت نار من أمام الرب وأكلت المحرقة والتقدمات على المذبح، فابتهج الشعب وسجدوا. ومنذ ذلك اليوم، كان الكهنة يوقدون الحطب كل صباح ويرتبون المحرقة عليها، ويحرقون عليها شحم ذبائح السلامة.
وفي أحد الأيام، حدث أن شابًا من بني لاوي، اسمه أليآب، كان يساعد الكهنة في خدمة المذبح. فبينما كان يحمل حطبًا ليضعه على النار، نظر إلى اللهيب المتصاعد وتساءل في قلبه: **”لماذا يجب أن تبقى النار مشتعلة دائمًا؟ ألا يكفي أن نوقدها عند تقديم الذبائح فقط؟”**
فلما علم الكاهن ألعازار بن هرون بما خطر ببال أليآب، دعاه وقال له: **”يا ابني، إن نار المذبح ليست نارًا عادية، بل هي علامة على حضور الرب الدائم بيننا. فهي تذكرنا بأن خطايانا تحتاج إلى كفارة مستمرة، ورحمة الرب لا تنقطع. كما أن النار المقدسة تمثل طاعة إسرائيل الدائمة للرب، فلا يجوز أن تنطفئ أبدًا.”**
فخجل أليآب من تقصيره في الفهم، وتاب إلى الرب، وعاهد نفسه أن يخدم المذبح بكل إخلاص. ومن ذلك اليوم، كان يحرص على إضافة الحطب بنفسه، ويتأكد من استمرار اللهب متوهجًا كما أوصى الرب.
وهكذا تعلم بنو إسرائيل أن طاعة الرب يجب أن تكون كاملة ودائمة، لا تتوقف عند الظروف أو المشاعر. فكما أن النار كانت تبقى مشتعلة على المذبح ليلًا ونهارًا، هكذا يجب أن تظل قلوبهم متجهة نحو الرب في كل وقت، طالبين رحمته وغفرانه.
**فتبارك اسم الرب الذي يعلم شعبه القداسة، ويطلب منهم الطاعة الكاملة، لأنه إله قدوس ورحيم.**