الكتاب المقدس

**قصة الحكيم أليفاز والرجل الشرير راحاب**

**قصة الحكيم والرجل الشرير: عظة من أمثال ١٢**

في قديم الزمان، في مدينة صغيرة عند سفوح الجبال، كان هناك رجلان يعيشان حياة مختلفة تمامًا. الأول كان يُدعى أليفاز، وكان رجلًا حكيمًا، محبًا لله، متأملًا في كلمته ليل نهار. والثاني كان اسمه راحاب، وكان شريرًا، يميل إلى الكذب والخداع، ولا يهتم بأمر الرب.

كان أليفاز يعمل في حقله باجتهاد، يزرع القمح والزيتون، ويُخرج الأرض خيراتها ببركة من الله. وكان دائمًا ما يُشارك فقيرًا من غلته، قائلًا في قلبه: “مَنْ يَرْعَى الأَرْضَ يَشْبَعُ خُبْزًا، وَمَنْ يَتْبَعُ الْبَاطِلَ فَهُوَ فَاقِدُ الْعَقْلِ” (أمثال ١٢:١١). وكانت زوجته وأولاده يعيشون في سلام، لأن بيت الصدّيقين يقوم على أساس متين.

أما راحاب، فكان كسولًا، لا يحب العمل، بل كان يسرق من جيرانه ويخدع التجار في السوق. كان يظن أنه بذكائه الخادع يستطيع أن يجمع ثروة دون تعب، لكن قلبه كان ممتلئًا بالقلق والاضطراب. وفي أحد الأيام، حاول أن يخدع أليفاز، فادعى أنه بحاجة إلى قرض من القمح ليطعم أطفاله الجياع. لكن أليفاز، الذي كان يعرف طبيعته، قال له بحكمة: “الْكَلاَمُ الْمُنْصِفُ يُثَبَّتُ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا اللِّسَانُ الْكَاذِبُ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْحِينِ” (أمثال ١٢:١٩). فانصرف راحاب خائبًا، غاضبًا، لكنه لم يتعظ.

ومرت الأيام، وجاءت سنة قحط شديد. فبينما كان حقل أليفاز مثمرًا ببركة الله، لأن “جَذْرُ الصِّدِّيقِينَ لاَ يَتَزَعْزَعُ” (أمثال ١٢:٣)، أصبحت أرض راحاب جرداء، لأنه لم يزرع خيرًا في حياته. فجاء إليه الجوع، وبدأ يتوسل إلى جيرانه طالبًا المساعدة، لكن أحدًا لم يثق به.

وفي النهاية، أدرك راحاب خطأه، فجاء إلى أليفاز معترفًا بذنبه، طالبًا المغفرة. فرحمه أليفاز، وأعطاه خبزًا وزيتًا، وقال له: “اَلرَّجُلُ الصَّالِحُ يُنْقِذُ بِكَلاَمِهِ، وَالْفُجَّارُ يَأْسَوْنَ بِالْخِدَاعِ” (أمثال ١٢:٦). ومن ذلك اليوم، تاب راحاب، وتعلّم أن البركة الحقيقية تأتي من مخافة الرب والعمل بصدق.

وهكذا، عاش أليفاز وزوجته وأولاده في بركة وسلام، لأن “لاَ يُصِيبُ الصِّدِّيقَ شَرٌّ، أَمَّا الأَشْرَارُ فَإِنَّمَا يَمْتَلِئُونَ كَرْبًا” (أمثال ١٢:٢١). أما راحاب، فقد تغيرت حياته عندما اختار طريق الحق، فتعلم أن الحكمة خير من الذهب، وأن كلمة الله نورٌ للطريق.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *