**قصة إشعياء 25: نصر الله ورحمته**
في تلك الأيام، عندما كانت الشعوب تعيش في ظل الظلم والاضطهاد، وتئنّ تحت وطأة الخطيئة والشر، رفع النبي إشعياء عينيه نحو السماء ورأى رؤيا عظيمة من الرب. فقد كشف الله له عن يوم مجيد سوف يأتي، يوم يُزيل فيه كل دموع ويُطهّر الأرض من كل شر.
### **الرؤيا: جبل الله ومأدبة العيد**
رأى إشعياء جبلاً عظيماً، جبل الرب، يرتفع شامخاً فوق كل التلال. عليه أُقيمت مأدبة عظيمة، لم يرَ العالم مثلها من قبل. لحمٌ شهي، وخمرٌ نقي، طعامٌ مُعدّ لكل الشعوب. ليس طعاماً جسدياً فحسب، بل طعاماً للروح، بركةٌ من الرب تُشبع كل جائعٍ للحق.
وتجمعت الأمم حول المائدة، ليس الأبرار فقط، بل حتى الخطاة الذين تابوا وطلبوا وجه الله. لأن الرب، في رحمته الواسعة، قرّر أن يمحو العار عن كل الوجوه، وأن يُزيل الحزن إلى الأبد. صرخ إشعياء: “هَذَا هُوَ إِلهُنَا! قَدْ كُنَّا نَنْتَظِرُهُ فَيُخَلِّصُنَا!” (إشعياء 25: 9).
### **موت الموت وانتصار الحياة**
ثم رأى النبي أمراً أعظم: رأى الرب نفسه يبسط يده القوية على وجه الموت، ذلك العدو الذي أرعب البشرية منذ سقوط آدم. رأى كيف أن الله سوف يبلع الموت إلى الأبد، ويمسح الدموع عن كل الوجوه. لم يعد هناك خوف، لم يعد هناك ظلام، لأن نور الرب ملأ الأرض.
وتذكر إشعياء كلمات الرب: “يُزيلُ السَّيِّدُ الرّبُّ الدَّمْعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ” (إشعياء 25: 8). فابتهج قلبه، لأنه عرف أن رحمة الله لا تنتهي، وأن عدله سوف يظهر للجميع.
### **سقوط الأعداء وخلاص الشعب**
ولكن هذه الرؤيا لم تكن بلا تمييز. فقد رأى إشعياء أيضاً مصير الأشرار، أولئك الذين قسّوا قلوبهم ورفضوا رحمة الله. رأى كيف أن قصورهم الفخمة ستصير أطلالاً، وحصونهم المنيعة ستسقط كالغبار. لأن الرب هو الملجأ للفقير، هو الحصن للضعيف، أما المتكبرون فمصيرهم الخزي.
لكن للذين اتكلوا على الرب، الوعد الأكيد: “فَإِنَّكَ صِرْتَ حِصْناً لِلْفَقِيرِ، حِصْناً لِلْمِسْكِينِ فِي ضِيقَتِهِ، مَلْجَأً مِنَ الزَّوْبَعَةِ، ظِلاًّ مِنَ الْحَرِّ” (إشعياء 25: 4). نعم، سيكون الله ملاذهم إلى الأبد.
### **ختام الرؤيا: الفرح الأبدي**
وهكذا انتهت الرؤيا، لكن الرجاء بقي. لأن كلمة الرب لا تُرجع فارغة. سوف يأتي اليوم الذي فيه يتمّم كل هذا، اليوم الذي فيه يلبس المؤمنون ثياب الفرح، ويجلسون مع الرب في ملكوته.
فرفع إشعياء صوته وقال للشعب: “اثبتوا في الإيمان، لأن الرب أمين. سيأتي اليوم الذي فيه ننظر إلى مخلصنا، ونقول جميعاً: ‘هذا هو الرب الذي انتظرناه، فلنفرح ونبتهج بخلاصه!'”
وهكذا عاش الشعب في رجاء، منتظرين تحقيق مواعيد الله، لأن كلمته صادقة وأمينة إلى الأبد.