الكتاب المقدس

نبوة ملاخي والوعد بمجيء المخلص

**قصة النبي ملاخي والوعد الإلهي**

في الأيام الأخيرة لمملكة يهوذا، بعد عودة الشعب من السبي البابلي، كان هناك رجل اسمه ملاخي، اختاره الرب ليكون نبيًا بين شعبه. كانت أورشليم قد أعيد بناؤها، والهيكل وقف من جديد، لكن قلوب الناس ابتعدت عن الله. رغم أنهم كانوا يقدمون الذبائح ويحفظون الطقوس، إلا أن إيمانهم فقد حرارته، وأصبحت عبادتهم مجرد عادة بلا روح.

وفي أحد الأيام، بينما كان ملاخي يصلي في هيكل الرب، نزلت عليه كلمة الله برسالة قوية: **”هَا أَنَا ذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي فَجْأَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.”** (ملاخي 3: 1).

ارتعد قلب ملاخي عندما سمع هذه الكلمات، لأنه عرف أن الله سيتدخل بطريقة عظيمة. لكن الرسالة استمرت: **”وَلَكِنْ مَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ؟ وَمَنْ يَثْبُتُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟ فَإِنَّهُ مِثْلُ نَارِ الْمَذْوَبِ، وَمِثْلُ أَشْنَانِ الْقَصَّارِ.”** (ملاخي 3: 2). كان الرب سياتي ليطهر شعبه كما يُنقى الذهب والفضة بالنار، ليزيل الشوائب ويتركهم أنقياء.

رفع ملاخي صوته بين الشعب ونقل لهم تحذير الرب: **”فَيَجْلِسُ مُذَوِّبًا وَمُنَقِّيًا الْفِضَّةَ، فَيُنَقِّي بَنِي لَاوِي وَيُصَفِّيهِمْ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِيَكُونُوا لِلرَّبِّ مُقَرِّبِينَ تَقْدِمَةً بِالْبِرِّ.”** (ملاخي 3: 3). لكن الناس استهانوا بالكلام، وظنوا أنهم بخير لأنهم كانوا يقدمون الذبائح، حتى لو كانت مشوبة بالخطية.

ثم وجه الرب اتهامًا شديدًا للشعب: **”وَتَقُولُونَ: بِمَ عَيَّرْنَاكَ؟ بِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الشَّرَّ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَبِهِمْ هُوَ يُسَرُّ! أَوْ أَيْنَ إِلَهُ الْعَدْلِ؟”** (ملاخي 2: 17). لقد شككوا في عدل الله، وظنوا أن الأشرار يفلتون من العقاب.

لكن الرب وعدهم أنه سيتدخل: **”هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ.”** (ملاخي 4: 5). سيكون هناك نبي عظيم مثل إيليا يهيء الطريق لمجيء المسيا، المخلص المنتظر.

هزت هذه الكلمات قلوب البعض، بينما استمر آخرون في غفلتهم. لكن ملاخي عرف أن الله أمين، وسيفي بوعده. فالله لا يتغير، وهو سيحقق عدله ورحمته في الوقت المناسب. وهكذا انتهت نبوة ملاخي ببصيرة عن المستقبل، حيث يعد الله بمجيء مخلص يطهر شعبه ويقيم العدل.

**الخلاصة:**
كانت رسالة ملاخي تذكيرًا قويًا بأن الله لا يرضى بالعبادة الشكلية، بل يريد قلوبًا تائبة ومخلصة. وهو سيأتي يومٌ فيه يُدين الشر ويُطهّر المؤمنين الحقيقيين. والوعد بمجيء المسيا وإيليا النبي كان بشارة رجاء لكل من ينتظرون خلاص الرب.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *