**قصة هوشع 2: رحلة المحبة الأبدية**
في تلك الأيام، حين كانت مملكة إسرائيل الشمالية تتأرجح بين الخطيئة والضلال، اختار الرب نبيًا اسمه هوشع ليكون رمزًا حيًا لعلاقته مع شعبه. وكانت زوجة هوشع، جومر، امرأة جميلة لكنها ضلت الطريق، تاركة زوجها لتتبع عشاقًا كثيرين، مثلما ترك شعب إسرائيل الرب ليعبد آلهة غريبة.
وبينما كان هوشع يجول في حقول السامرة، يبكي على زوجته التي هجرته، سمع صوت الرب يقول له: **”اذهب وأحبها من جديد، كما أحب شعبي إسرائيل رغم خيانتهم.”** فخرج هوشع يبحث عنها في الأسواق والأزقة، حتى وجدها تُباع في سوق العبيد، مُهانةً، وحيدةً، بلا كرامة. فاشتراها بفضة وحنطة، ليس كعبدٍ، بل كزوجةٍ من جديد.
وهكذا بدأ الرب يكلم شعبه من خلال قصة هوشع وجومر، قائلًا:
**”لقد تركتني يا إسرائيل، وذهبتِ وراء البعل، ظانّةً أنه هو الذي يعطيك الخبز والماء. لكني سأسدّ طريقكِ بالشوك، وأبني سورًا حولكِ حتى لا تجدي طريقكِ إلى أصنامكِ. ستعانين في البرية، وحينئذ ستتذكرين أيام خطبتكِ لي، حين كنتِ تتبعينني في أرض لم تزرعيها.”**
وتحقق كلام الرب. ضرب الجفاف الأرض، وجفّت الكروم، وماتت المواشي. فبدأ الشعب يصرخ: **”لنذهب ونطلب وجه الرب، فهو الذي كان يعطينا القمح والخمر والزيت!”** لكن الرب أجابهم: **”لقد جُرحتُ من خيانتكم، لكنني سأجذبكم إلى البرية لأكلم قلوبكم. هناك سأردّ لكم كرومكم، وأجعل الوادي باب رجاء. سأزوجكم لي إلى الأبد، بالعدل والحق والإحسان والمراحم.”**
وفي النهاية، أدرك الشعب أن الرب لم يكن يرفضهم، بل كان يطهّرهم كالذهب في النار. فعادوا إليه باكين، فغسل خطاياهم، وقال: **”ستدعوني ‘زوجي’، ولن تدعوني بعد اليوم ‘بعلي’. لأني أنزع عنكِ اسم البعل من فمكِ، وأعاهدكِ ميثاقًا أبديًا.”**
وهكذا، مثل جومر التي عادت إلى هوشع، عاد إسرائيل إلى الرب، ليس بالخوف، بل بالمحبة. لأن نعمة الله أكبر من خطايانا، ومحبته أقوى من خيانتنا.
**”وأزرعها لي في الأرض، وأرحم من لم أُرحم، وأقول للشعب: أنت شعبي، فيجيب: أنت إلهي.”** (هوشع 2: 23)