**قصة بناء خيمة الاجتماع حسب خروج 25**
في تلك الأيام، بعد أن حرَّر الله بني إسرائيل من عبودية مصر بيد قوية وذراع ممدودة، وأعطاهم النصرة على فرعون وجنوده عند بحر سوف، قادهم موسى النبي إلى برية سيناء. هناك، على جبل سيناء، نزل مجد الرب في سحابة كثيفة، وتكلم مع موسى وأعطاه الوصايا العشر مكتوبة بأصبع الله على لوحي حجر. ولكن الله أراد أيضًا أن يسكن بين شعبه، فأمر موسى أن يبني له مسكنًا مقدسًا يحل فيه وسطهم.
وفي يوم من الأيام، بينما كان موسى على الجبل، ناداه الرب قائلًا: **”كلم بني إسرائيل أن يأخذوا لي تقدمة. من كل إنسان يدفعه قلبه تأخذون تقدمتي.”** ثم أوضح الله لموسى بالتفصيل المواد التي يحتاجونها: ذهبٌ، وفضةٌ، ونحاسٌ، وأسمانجوني وأرجوان وقرمز، وكتانٌ وبوصٌ، وجلودٌ، وخشبُ سنطٍ، وزيتٌ للإنارة، وأحجار كريمة للحشو.
لكن الله لم يطلب هذه التقدمات كفرضٍ ثقيل، بل قال: **”من كل من ينبعه قلبه تأخذون تقدمتي.”** فكانت هذه دعوةً لشعب الله أن يشاركوا بمحبةٍ وسخاءٍ في بناء بيت الرب.
ثم كشف الرب لموسى عن تصميم المسكن المقدس، وهو خيمة الاجتماع، التي ستكون رمزًا لحضوره بينهم. وأول ما طلب الله صنعه كان **تابوت العهد**، وهو صندوقٌ مقدسٌ مصنوعٌ من خشب السنط، ومغشّى بالذهب من داخل ومن خارج. وعلى حواف التابوت، وُضع إكليلٌ من الذهب يحيط به. وصُنعت له حلقاتٌ من ذهبٍ عند أركانه، حيث تُدخل عصوين من خشب السنط المغشاة بالذهب لحمل التابوت.
وأخبر الله موسى أن يوضع داخل التابوت **لوحا الشهادة**، أي الوصايا العشر، التي ستعطى له لاحقًا. وعلى غطاء التابوت، وُضع **كروبَان من ذهبٍ**، واحدٌ من كل جانب، باسطين أجنحتهما إلى فوق، مظللين الغطاء الذي يُدعى “كرسي الرحمة”. وقال الرب: **”وهناك ألتقي بك، وأتكلم معك من فوق الغطاء، من بين الكروبين اللذين على تابوت الشهادة.”**
ثم أمر الله بصنع **مائدة خبز الوجوه**، مصنوعة أيضًا من خشب السنط المغشى بالذهب، وحولها إكليلٌ ذهبي، وحلقاتٌ وعصوين لحملها. وعلى المائدة وُضعت **أطباق وأكواب وصُحون وسُكوك ذهبية**، حيث يوضع خبز الوجوه أمام الرب دائمًا.
وبعد ذلك، جاءت وصية الله بصنع **المنارة الذهبية**، وهي شمعدانٌ من ذهبٍ خالصٍ، مزين بستة أفرع تخرج من الجذع الرئيسي، كلها منقوشة بأزهارٍ ولوزياتٍ. وكانت المنارة تضيء بخمسة مصابيحٍ نحو الأمام، لتنير أمام الرب كل ليلة.
وهكذا، بدأ موسى ينقل كل هذه التعليمات الدقيقة إلى بني إسرائيل، الذين استجابوا بقلوبٍ منفتحةٍ، وجاءوا بتقدماتهم بفرحٍ، لأنهم أرادوا أن يكون الرب ساكنًا بينهم.
لقد كانت خيمة الاجتماع رمزًا لعناية الله ومحبته، حيث وعد أن يلتقي بشعبه ويتكلم معهم. وكان كل جزءٍ من هذه الخيمة يشير إلى قداسة الله، وحاجتنا إلى الفداء، ورغبته في أن يكون قريبًا من الإنسان.
وهكذا، بدأت رحلة بناء بيت الرب، ليس بموادٍ فقط، بل بقلوبٍ ممتلئةٍ بمخافة الله ومحبته.