**قصة مستوحاة من رسالة بطرس الأولى، الإصحاح الأول**
في أيام الاضطهاد العظيم الذي حلَّ على المؤمنين في آسيا الصغرى، اجتمع شيوخ الكنيسة في مدينة صغيرة تُدعى “أنطاكية الصغرى”، ليقرأوا على المؤمنين رسالة وصلتهم من الرسول بطرس، راعي رعاة الرب. كانت الأوقات عصيبة، والاضطهاد يشتد يومًا بعد يوم، لكن كلمات الرسول كانت كالندى على قلوبهم المتعبة.
بدأ أحد الشيوخ، واسمه إلياس، يقرأ الرسالة بصوت هادئ لكنه مليء باليقين:
**”بُطرُس، رَسُولُ يَسُوعَ المَسِيحِ، إِلَى المُخْتَارِينَ الغُرَبَاءِ المُتَبَدِّدِينَ فِي بِونتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوقِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ…”**
تطلع الحاضرون إلى بعضهم البعض، ففي هذه الكلمات تذكير بأنهم، رغم تشتتهم، هم شعب الله المختار. تابع الشيخ إلياس القراءة:
**”بِحَسَبِ عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ المَسِيحِ. لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ.”**
سمع الجميع الكلمات وكأنها نسمة من السماء. فتاة شابة تدعى مريم، كانت قد فقدت أهلها بسبب الإيمان، بدأت دموعها تنهمر، لكنها شعرت بسلام غريب يملأ قلبها. نعم، لقد اختارهم الله قبل تأسيس العالم، ودم المسيح يغطيهم.
ثم تابع الشيخ:
**”مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ، الَّذِي بِرَحْمَتِهِ الكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ المَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ.”**
هنا نهض رجل عجوز يدعى ناثانائيل، وكان من اليهود الذين آمنوا بالمسيح، وقال بصوت مرتجف من الفرح: “يا إخوتي، لقد عشنا سنينًا ننتظر المسيا، والآن ها هو قد قام من الأموات، وأعطانا الحياة الجديدة! نحن لم نعد عبيدًا للخوف، بل ورثة للسماء!”
ابتسم الشيخ إلياس واستمر في القراءة:
**”لِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَرَجَاءٌ فِي اللهِ. وَإِنْ كُنْتُمْ تُحْزَنُونَ الآنَ يَسِيرًا، إِذْ يَجِبُ أَنْ تَتَنَوَّوْا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الفَانِي، مَعْ أَنَّهُ يُتَمَحَّصُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالكَرَامَةِ وَالمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ المَسِيحِ.”**
سمع الجميع هذه الكلمات واختلطت في قلوبهم المشاعر. نعم، كان الاضطهاد مؤلمًا، لكنه كان كالنار التي تُنقي الذهب. شاب اسمه مرقس، كان قد سُجن من قبل بسبب إيمانه، قال: “لقد شعرت في السجن أنني سأموت، لكن الآن أفهم أن إيماني يزداد قوة!”
ثم ختم الشيخ إلياس القراءة بقوله:
**”الَّذِينَ بِهِ وَأَنْتُمْ غَيْرُ رَائِينَ تُؤْمِنُونَ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ، نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ.”**
ساد صمت عميق في المكان، ثم بدأ الجميع يسبحون الله. كانت قلوبهم ممتلئة فرحًا، ليس فرح العالم الزائل، بل فرحًا مجيدًا نابعًا من الرجاء الأكيد في المسيح.
وفي تلك الليلة، رغم كل المخاطر، خرج المؤمنون وهم يعلمون أنهم غرباء على الأرض، لكنهم مواطنون في السماء. وكانت كلمات بطرس تتردد في قلوبهم:
**”فَاشْفُوا أَذْهَانَكُمْ واصْحُوا لِلرَّجَاءِ بِالكَمَالِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ المَسِيحِ.”**
وهكذا، وسط الظلام، أضاءت كلمة الله كالنور، وثبتت قلوب المؤمنين على الرجاء الحي الذي لا يخيب.