الكتاب المقدس

تيموثاوس ووصايا بولس الروحية

**قصة تيموثاوس وتعاليم بولس الرسول**

في مدينة أفسس، حيث تنتشر المعابد الوثنية وتتعالى أصوات الباعة في الأسواق، كان الشاب تيموثاوس يجلس في غرفة صغيرة مضاءة بمصباح زيتي، يقرأ رسالة وصلته للتو من معلمه الحبيب بولس الرسول. كانت الرسالة تحمل في طياتها تعاليم عميقة ونصائح أبوية، فبولس لم يكن مجرد معلم لتيموثاوس، بل كان بمثابة الأب الروحي الذي اهتم بإيمانه ونموه في الخدمة.

بدأت الرسالة بكلمات حانية: **”إِلَى تِيمُوثَاوُسَ، الابْنِ الصَّرِيحِ فِي الإِيمَانِ…”** (١ تيموثاوس ١: ٢). شعر تيموثاوس بدفء يغمر قلبه، فبولس كان يذكّره دائماً بأنه ليس وحيداً في رحلته الروحية. كانت المدينة مليئة بالتعاليم المضللة، حيث كان بعض المعلّمين الكذبة ينشرون أفكاراً غريبة عن الناموس، مدّعين معرفة خاصة بالأسفار المقدسة، لكنهم في الحقيقة كانوا يضلّون الناس بكلام باطل.

تابع تيموثاوس القراءة، فذكّره بولس بأن **”مَحَبَّةٌ صَادِرَةٌ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلا رِيَاءٍ”** (١ تيموثاوس ١: ٥) هي الهدف الحقيقي من الوصية. لم يكن الناموس مُعطى لإذلال البشر، بل لهدايتهم إلى المسيح، الذي جاء ليمنح النعمة والغفران. تذكر تيموثاوس كيف كان بولس نفسه مضطهداً للكنيسة في الماضي، لكن نعمة الله غمرته وغيّرت حياته بالكامل. **”وَلكِنِّي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهَالَةٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ”** (١ تيموثاوس ١: ١٣). كانت هذه الكلمات تذكيراً قوياً بأن الله قادر أن يغيّر حتى أقسى القلوب.

رفع تيموثاوس عينيه نحو السماء من خلال النافذة الصغيرة، وشكر الله على نعمته التي لا تُوصف. لقد فهم الآن أن دوره كخادم للإنجيل ليس في الجدال حول كلمات فارغة، بل في إعلان محبة المسيح للخطاة. كانت رسالة بولس تحثّه على الثبات في الإيمان، ومحاربة التعاليم الباطلة بشجاعة، لكن بروح الوداعة والمحبة.

وفي نهاية الرسالة، كرر بولس تحذيره من بعض الأشخاص الذين رفضوا الإيمان السليم، مثل **”هِيمِينَايُسُ وَالإِسْكَنْدَرُ”** (١ تيموثاوس ١: ٢٠)، اللذين ضلّلا كثيرين بتعاليمهما الخاطئة. لكن بولس لم ييأس، بل سلّمهما لله، آملاً أن يتعلما يومًا ما الحق.

أغلق تيموثاوس الرسالة وهو يشعر بتشجيع عميق. لقد فهم أن خدمته ليست مجرد نقل تعاليم، بل هي مشاركة في قصة نعمة الله العظيمة. فقرر أن يكرس وقته لتعليم المؤمنين، ليس بالقسوة، بل بروح المحبة التي تبنّى بها المسيح الخطاة. وهكذا، خرج من الغرفة بعزم جديد، مستعداً لمواجهة التحديات، واثقاً أن النعمة ستكون معه في كل خطوة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *