الكتاب المقدس

قصة مزمور 109: صلاة الألم وعدل الرب

**قصة مزمور 109: صلاة في زمن الاضطهاد**

في أيامٍ قديمة، عندما كانت مملكة يهوذا تعاني من الفتن والاضطهاد، وقف رجل تقيّ يُدعى ألياقيم في هيكل الرب، يرفع صوته بالدعاء والابتهال. كان ألياقيم رجلاً باراً، محباً للشريعة، يسعى دوماً لخدمة الفقراء والمظلومين. لكن أعداءً أشراراً أحاطوا به، يتربصون به الدوائر، ويبحثون عن فرصة لإسقاطه.

كان من بين هؤلاء الأعداء رجلٌ مخادع اسمه شمعون، كان قد خان ألياقيم بعد أن كان صديقاً مقرباً له. تآمر شمعون مع جماعة من المنافقين، وبدأوا ينسجون المؤامرات ضد ألياقيم، يتهمونه زوراً بالخطايا التي لم يرتكبها، ويشوهون سمعته أمام الشعب. بل إنهم أوغروا صدر الملك عليه، حتى كاد أن يُلقى به في السجن.

وفي يومٍ مظلم، عندما اشتدت الضيقات على ألياقيم، لجأ إلى بيت الرب، وسجد أمام المذبح، ورفع صلاته بألمٍ وحرارة:

**”يا رب إلهي، لا تصمت تجاه ظلم أعدائي! فقد فتحوا عليّ أفواههم بالكذب والافتراء، ولفقوا عليّ التهم الباطلة. بدل المحبة، جازوني كراهية، وبدل الصداقة، غدروا بي!”**

كان قلبه ينزف ألماً، ليس فقط بسبب الأذى الجسدي، بل بسبب الخيانة التي جاءت ممن كان يظنهم أصدقاء. وتابع يصلي:

**”ليقم عليهم مُشتكٍ، وليقف الشيطان عن يمينهم ليتهمهم! عندما يُحاكمون، فليُدانوا، وصلاتهم فلتكن خطية! ليُمسحوا من سفر الأحياء، ولا يُكتبوا مع الأبرار!”**

كانت كلماته قاسية، لكنها نابعة من ألم عميق. فهو لم يكن يطلب الانتقام بدافع الحقد، بل كان يطلب العدل الإلهي، مؤمناً أن الله سيحكم بالحق.

وفي تلك الليلة، بينما كان ألياقيم يبكي في صلاته، ظهر له ملاك الرب في حلم وقال: **”لا تخف، يا عبدي الأمين. الرب سمع صراخك، وسينصفك من أعدائك. فليكن لك إيمان، لأن الشرير لن يفلت من العقاب.”**

وبعد أيام قليلة، بدأت يد العدل الإلهي تعمل. فقد انكشفت مؤامرات شمعون وأعوانه، وظهر زيف ادعاءاتهم. فاضطر الملك إلى إعادة التحقيق في القضية، واكتشف الحقيقة المُرّة: أن ألياقيم كان بريئاً، وأن شمعون كان وراء التهم الكاذبة.

عندئذٍ، حلّ غضب الرب على شمعون، فسقط في مرضٍ عضال، ولم تجدِ عنه الأدوية نفعاً. وأما أتباعه، فقد تشتتوا، وذهبت أملاكهم لِلُصوص، وأصبحوا عبرةً للناس. بينما نجا ألياقيم، وعاد إلى منصبه، أكثر قوةً وإيماناً.

وفي النهاية، رفع ألياقيم تسبحة شكر للرب، قائلاً:

**”أحمدك يا رب، لأنك أنت ناصري ومخلصي. أنت تقف بجانب المظلوم، وتنقذه من يد الظالم. فليتبارك اسمك إلى الأبد!”**

وهكذا، تحققت كلمات المزمور: **”أما أنا فمسكين وبائس، والرب يفكر في خلاصي. هو عوني ومخلصي، لا تتأخر يا إلهي!”** (مزمور 109: 22-26).

فليتعلم الجميع أن الله لا يتخلى عن أتقيائه، وهو سيحقق العدل في وقته.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *