**قصة الحكمة التي لا تُقدَّر بثمن**
في قديم الزمان، في مدينة صغيرة تقع بين الجبال، عاش شاب اسمه دانيال. كان دانيال ابنًا لرجل حكيم عرف بين الناس بتقواه وحبه لشريعة الرب. وكان الأب يعلّم ابنه باستمرار كلمات سليمان الحكيم: **”يا ابني إن قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك، حتى تميل أذنك إلى الحكمة وتعطّي قلبك إلى الفهم، إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى الفهم، إن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز، فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الله.”** (أمثال 2: 1-5).
كان دانيال شابًا طيبًا، لكنه كان يشعر أحيانًا بالحيرة أمام تعقيدات الحياة. وفي يوم من الأيام، بينما كان يجلس عند سفح الجبل يتأمل، سمع صوتًا داخليًا يهمس له: **”اطلب الحكمة كما تطلب كنزًا مخفيًا، لأن الرب يعطي الحكمة، ومن فمه تأتي المعرفة والفهم.”**
فقرر دانيال أن يبدأ رحلته بحثًا عن الحكمة. غادر قريته وسار عبر الوديان والجبال، يقرأ في التوراة ويصلي إلى الرب طالبًا الإرشاد. وفي طريق مرهق، التقى برجل عجوز يجلس تحت شجرة زيتون. كان الرجل يقرأ في مخطوطة قديمة، وعندما رآه دانيال، ابتسم وقال: **”ماذا تبحث عنه يا بني؟”**
أجاب دانيال: **”أبحث عن الحكمة، لأن أبي علمني أنها أثمن من الجواهر.”**
ضحك العجوز بحنان وقال: **”الحكمة لا تُوجد في السفر وحده، بل في مخافة الرب. اسمع ما يقوله سليمان: ‘الرب يعطي الحكمة، من فمه المعرفة والفهم. إنه يذخر المعونة للمستقيمين. هو مجنّد للذين بسيرتهم أمناء.'”** (أمثال 2: 6-7).
ثم أخذ العجوز يشرح لدانيال كيف أن الحكمة تحفظ الإنسان من طرق الأشرار، ومن الرجال الأردياء الذين يسلكون في الظلام. **”الحكمة تنقذك من المرأة الغريبة، من الغريبة المتملقة بكلامها، التي تركت مرشد شبابها ونسيت عهد إلهها.”** (أمثال 2: 16-17).
استمع دانيال باهتمام، ثم سأل: **”كيف أعرف أنني وجدت الحكمة الحقيقية؟”**
أجاب العجوز: **”عندما تمتلئ قلبك بمخافة الرب، عندما تحفظ وصاياه وتسلك في طريق الصلاح، عندها تعرف أن الحكمة سكنت فيك. لأن الرب يحفظ طريق أتقيائه، والأمناء يثبتون في الأرض.”** (أمثال 2: 20-21).
شكر دانيال الرجل العجوز وواصل رحلته، لكنه هذه المرة كان يشعر بسلام عجيب في قلبه. عاد إلى قريته، ليس كالشاب الحائر الذي غادرها، بل كرجل عرف أن الحكمة الحقيقية تبدأ بمخافة الرب. ومن ذلك اليوم، صار دانيال يُعلّم الآخرين كلمات سليمان، ويحثهم على طلب الحكمة التي تحفظ النفوس وتُرضي الرب.
وهكذا تحققت فيه كلمات الأمثال: **”لأن المستقيمين يسكنون الأرض والكاملين يبقون فيها. أما الأشرار فيقطعون من الأرض والخائنين يستأصلون منها.”** (أمثال 2: 21-22).
فليتعلّم كل من يقرأ هذه القصة أن الحكمة هي كنز لا يفنى، وهي نور يهدي الخطوات، وهي عطية من الرب لكل من يطلبها بإخلاص.