الكتاب المقدس

بولس في مالطا: من العاصفة إلى المعجزات

**قصة بولس في مالطا: من العاصفة إلى المعجزات**

كان البحر الهائج يزمجر بعنف، والأمواج العاتية تضرب سفينة الرومان التي تحمل بولس وسجناء آخرين إلى روما. لقد مرت أيام طويلة دون أن يروا الشمس، والرياح العاصفة لا تهدأ. لكن بولس، رجل الإيمان، وقف بين الرجال المنهكين وأخبرهم بما قاله له ملاك الرب: “لا تخافوا! فإن الله قد منحكم جميع من في السفينة، ولن تفقدوا حياتكم”.

وبعد أربعة عشر يوماً من التيه في البحر، شعر البحارة باقتراب اليابسة. وعند الفجر، رأوا شواطئ جزيرة لم يعرفوها. لكن السفينة لم تتحمل قوة الأمواج، فانشطرت إلى قطعتين، واندفع الجميع نحو الشاطئ، يسبحون أو يتعلقون بأخشاب السفينة. وهكذا، بحسب وعد الرب، نجا الجميع.

وعندما وصلوا إلى الشاطئ، اكتشفوا أن الجزيرة تسمى “مالطا”. وكان أهلها، وهم من البرابرة، يستقبلونهم بلطفٍ غير متوقع. أشعلوا ناراً كبيرة لتدفئتهم، لأن المطر كان ينزل بغزارة والبرد قارس. وفيما كان بولس يجمع حزمة من الحطب ويضعها على النار، خرجت منه أفعى سامة بسبب حرّ اللهب، فانقضت على يده!

رأى الأهالي الأفعى المتعلقة بيد بولس، فتهامسوا فيما بينهم: “بالتأكيد هذا رجل قاتل، لقد نجا من البحر، لكن العدالة لا تدعه يعيش!” لكن بولس هزّ يده ببساطة، وألقى الأفعى في النار دون أن يصاب بأذى. انتظروا ليروه ينتفخ أو يسقط ميتاً، لكن دقائق مرت ولم يحدث شيء. فتحولت دهشتهم إلى ذهول، وقالوا: “إنه إله!”

لكن بولس، الذي عرف أفكارهم، أخذ يشرح لهم عن الإله الحقيقي، خالق السماء والأرض، الذي أرسل ابنه يسوع المسيح لخلاص البشر. ورغم أنهم لم يفهموا كل شيء في البداية، إلا أن قلوبهم كانت منفتحة.

وفي تلك الأثناء، كان رئيس الجزيرة، المدعو “بوبليوس”، يستضيف بولس ورفاقه في بيته الكبير. وكان والد بوبليوس طريح الفراش، مصاباً بحمى شديدة وزحار. فدخل بولس إلى غرفته، وصلى ووضع يديه عليه، فشفاه في الحال! وعندما انتشر خبر هذه المعجزة، أتى جميع مرضى الجزيرة إلى بولس، فكان يشفيهم واحداً تلو الآخر.

وبعد ثلاثة أشهر، عندما حان وقت الإبحار، كان أهل مالطا قد أحبوا بولس ومعه رفاقه. زودوهم بكل ما يحتاجون إليه للسفر، وأعطوهم هدايا كثيرة. وعندما ركبوا السفينة الجديدة، وقف الأهالي على الشاطئ يلوحون لهم بفرح، لأن الله استخدم بولس ليكون بركة لهم.

وهكذا، واصل بولس رحلته إلى روما، حيث سيكمل رسالته، لكن ذكرى إقامته في مالطا بقيت حية في قلوب من آمنوا هناك بسبب المعجزات وشهادة هذا الرجل المملوء إيماناً.

**الخلاصة الروحية:**
في كل محنة، وعد الله حاضر. من العاصفة إلى الشاطئ الآمن، ومن لدغة الأفعى إلى شفاء المرضى، كل شيء يعمل together for good للذين يحبون الله. بولس، السجين في الظاهر، كان حراً في الروح، يحمل نور المسيح حتى في أصعب الظروف. وهكذا، يدعونا الله أن نكون شهوداً له أينما وضعنا، لأن يديه تحمينا وتوجه خطواتنا.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *