الكتاب المقدس

رسالة بولس إلى أهل كورنثوس: العطاء والمحبة في المسيح

**قصة مستوحاة من كورنثوس الأولى 16**

في مدينة كورنثوس المزدهرة، حيث تلتمع مياه البحر الأبيض المتوسط تحت أشعة الشمس الذهبية، اجتمع المؤمنون في بيت أحد الإخوة ليستمعوا إلى الرسالة التي حملها إليهم تيموثاوس، تلميذ بولس الأمين. كانت الأجواء مليئة بالترقب، فقد كانت هذه الرسائل بمثابة نور يهديهم في ظلمات العالم المضطرب.

بدأ تيموثاوس يقرأ بصوته الهادئ الواثق: *”أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ لأَجْلِ الْقِدِّيسِينَ، فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاَطِيَّةَ هكَذَا افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا.”* (كورنثوس الأولى 16: 1). ارتسمت علامات التأمل على وجوه الحاضرين. فقد كانوا يعرفون أن بولس يحثهم على العطاء بسخاء لإخوتهم المؤمنين في أورشليم الذين يعانون من الضيق والفقر.

قام أحد الشيوخ، ويدعى مرقس، وهو رجل وقور ذو لحية بيضاء تتدفق على صدره، وقال: “يا إخوتي، لقد علمنا الرسول بولس أن نخصص جزءًا من بركاتنا كل يوم أحد، حتى لا يكون العطاء عشوائيًا، بل بقصد ومحبة.” فاستحسن الجميع الفكرة، وبدأوا يتناقشون في كيفية تنظيم التبرعات.

ثم تابع تيموثاوس القراءة: *”وَمَتَى وَصَلْتُ، فَالَّذِينَ تَرْضَوْنَ عَنْهُمْ أُرْسِلُهُمْ بِرَسَائِلَ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ.”* (كورنثوس الأولى 16: 3). نظر الحاضرون إلى بعضهم البعض باهتمام، فبولس كان حريصًا على أن يكون العطاء نقيًا، لا عيب فيه، لذا أراد أن يختاروا هم أنفسهم من سيحملون هذه الهبات، ليكون العمل كله في النور.

ثم جاءت كلمات بولس عن زيارته القادمة: *”وَلكِنْ سَآتِي إِلَيْكُمْ مَتَى اجْتَزْتُ بِمَكِدُونِيَّةَ، لأَنِّي مُجْتَازٌ بِمَكِدُونِيَّةَ.”* (كورنثوس الأولى 16: 5). فرح المؤمنون بسماع ذلك، فقد اشتاقوا لرؤية الرسول الذي أحبهم وأسسهم في الإيمان. لكن بولس أكد أنه سيبقى معهم بعض الوقت، أو ربما حتى الشتاء، ليكونوا معًا في الشركة والتعليم.

ثم جاءت التحيات الأخيرة، حيث ذكر بولس أسماء إخوة كثيرين، مثل استفاناس وفورتوناتوس وأخائيكوس، الذين خدموا الكنيسة بتفانٍ. طلب منهم بولس أن يكرمون مثل هؤلاء الرجال، لأنهم جاهدوا في خدمة القديسين.

أخيرًا، ختمت الرسالة بكلمات تملأ القلب حرارة: *”إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا!”* (كورنثوس الأولى 16: 22). شعر الجميع بجدية هذه الكلمات، فالمحبة للمسيح هي أساس كل شيء. ثم جاءت الصلاة الختامية: *”نِعْمَةُ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. مَحَبَّتِي مَعَجَمِيعِكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. آمِينَ.”*

وهكذا، انتهى الاجتماع بقلوب ممتلئة بالشكر والتصميم على تنفيذ ما تعلموه. فخرجوا إلى شوارع كورنثوس، حاملين في قلوبهم نعمة الرب، ومستعدين ليعيشوا كقديسين في عالم يحتاج إلى نور المسيح.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *