**قصة مريم وهارون وانتقادهما لموسى**
في أيام التيه في برية سيناء، بينما كان بنو إسرائيل يسيرون تحت قيادة موسى النبي، حدث أمرٌ أثار حزن الرب وأدى إلى عقابٍ إلهي. فقد ابتدأت مريم، الأخت الكبرى لموسى وهارون، وهرون نفسه، يتكلمان ضد موسى بكلمات غير لائقة.
كان موسى قد تزوج امرأة كوشية، فوجدت مريم وهارون في هذا الزواج فرصة للنقد. فبدأتا يتساءلان: “هل كلم الرب موسى وحده؟ أليس قد كلمنا نحن أيضًا؟” وكانت كلماتهما تنم عن حسدٍ خفي، لأن موسى كان مقربًا من الرب أكثر منهما. لكن الرب سمع كلامهما، لأنه لا يخفى عليه شيء.
وكان موسى أكثر تواضعًا من جميع الناس الذين على وجه الأرض، فلم يرد على انتقاد أخته وأخيه، بل سلم الأمر للرب. ففجأة، نزل الرب في عمود السحاب ووقف عند باب خيمة الاجتماع، ودعا هارون ومريم. فلما خرجا أمامه، قال الرب:
“اسمعا كلامي! إن كان منكم نبيٌ للرب، فبالرؤيا أستعلن له، وفي الحلم أكلمه. أما عبدي موسى، فليس هكذا. فهو أمين في كل بيتي. فما إليه أتكلم وجهًا لوجه، وعيانًا لا بألغاز، ومنظر الرب يعاين. فكيف تجسرتم أن تتكلموا على عبدي موسى؟”
وحمي غضب الرب عليهما، ثم انصرف. وفي الحال، ضربت مريم بالبرص الأبيض كالثلج! فنظر هارون إليها، وإذا هي مبروصة، فصرخ إلى موسى: “يا سيدي، لا تحمَل علينا الخطية التي حمقنا بها! لا تجعلها كالميتة التي يخرج نصفها من بطن أمها!”
فصاح موسى إلى الرب: “يا الله، أشفيها!” فأجاب الرب: “لو كان أبوها بصق في وجهها، ألم تخجل سبعة أيام؟ فلتُحبس خارج المحلة سبعة أيام، ثم بعد ذلك تُرد.”
فأخرجوا مريم خارج المحلة سبعة أيام، ولم يرتحل الشعب حتى رُدت مريم. وكان الشعب كله ينتظر بقلب خاشع، يتعلم درسًا في التواضع وعدم التذمر على قادة الله. وبعد ذلك، عادت مريم إلى المحلة، وعاد بنو إسرائيل إلى رحلتهم، لكن الكلمات التي قالها الرب بقيت تتردد في آذان الجميع: “موسى عبدي الأمين، الذي أتكلم معه وجهًا لوجه.”
وهكذا علم الجميع أن انتقاد قادة الله بغير حق هو خطية عظيمة، وأن الرب يدافع عن الذين يختارهم.