الكتاب المقدس

**قصة أليعازر: الحياة الجديدة في المسيح**

**قصة مستوحاة من كولوسي 3: الحياة الجديدة في المسيح**

في مدينة كولوسي، حيث تنتشر التلال الخضراء وتتدفق الأنهار بين الحقول المزهرة، كان هناك رجل اسمه أليعازر. كان يعيش حياة عادية، يعمل في حياكة الخيام مثل كثيرين في مدينته، لكن قلبه كان مثقلاً بأعباء الماضي. فقد عاش سنوات طويلة في الخطية، منغمساً في الغضب والطمع والشهوات الأرضية، حتى بدا له أن نور الله بعيد عنه.

وفي أحد الأيام، بينما كان جالساً عند حافة السوق، سمع صوتاً ناعماً ينبعث من مجموعة من المؤمنين الذين اجتمعوا للصلاة. كانوا يتكلمون عن رسالة وصلتهم من بولس، الرسول المسجون في روما، موجهة إلى أهل كولوسي. انجذب أليعازر إلى كلماتهم، فاقترب ليسمع أكثر.

بدأ أحد الشيوخ يقرأ: **”إِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ.”** (كولوسي 3: 1-2). شعر أليعازر وكأن هذه الكلمات موجهة إليه شخصياً. فقلبه الذي كان مليئاً بالظلام بدأ يستيقظ إلى نور جديد.

استمر الشيخ في القراءة: **”أَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيئَةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ.”** (كولوسي 3: 5). ارتعد أليعازر من الداخل، إذ أدرك كم كان بعيداً عن حياة القداسة. لكن الكلمات التالية ملأته رجاءً: **”اِخْلَعُوا عَنْكُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَالْبَسُوا الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ.”** (كولوسي 3: 9-10).

منذ تلك اللحظة، قرر أليعازر أن يغير حياته. بدأ يزور اجتماعات المؤمنين بانتظام، يتعلم ويصلي معهم. تعلم أن يغفر كما غفر الله له، وأن يحب الآخرين من كل قلبه. حتى علاقته مع زملائه في العمل تغيرت؛ فبعد أن كان سريع الغضب، صار وديعاً متسامحاً، يتذكر قول الرسول: **”البَسُوا… أَحْشَاءَ رَأْفَةٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.”** (كولوسي 3: 12-13).

ومع مرور الوقت، لاحظ الجميع التغيير في حياة أليعازر. حتى زوجته، التي كانت تعاني من تصرفاته القاسية، وجدت فيه رجلاً جديداً، يحبها كما أحب المسيح الكنيسة. وأولاده، الذين كانوا يخافون من غضبه، صاروا يجدون في بيته السلام والفرح.

وفي أحد الأيام، بينما كان أليعازر يعمل، جاء إليه صديقه القديم، ناثان، الذي كان يعرف حياته الماضية. نظر إليه ناثان باستغراب وقال: “ما هذا التغيير الذي حدث لك؟ لستَ الرجل الذي أعرفه!” فأجابه أليعازر بابتسامة هادئة: “لقد لبستُ الإنسان الجديد، الذي خلقه الله في البر وقداسة الحق. لم أعد عبداً للخطية، بل صرت حراً في المسيح.”

ومنذ ذلك الحين، صار أليعازر شاهداً للنعمة، يحكي لكل من يقابله كيف غيَّر المسيح حياته، وكيف أن كلمات الرسول بولس في كولوسي 3 أصبحت دستوراً لحياته. فكما كتب الرسول: **”وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ.”** (كولوسي 3: 23).

وهكذا، في وسط مدينة كولوسي، كانت حياة أليعازر مثالاً حياً لقوة الإنجيل، الذي يستطيع أن يجدد الإنسان من الداخل، ويجعله خليقة جديدة في المسيح يسوع.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *