الكتاب المقدس

قصة الذبيحة والشكر في سفر اللاويين 7

**قصة الذبيحة والشكر: تأملات في سفر اللاويين 7**

في أيام موسى النبي، بعد أن حرر الرب شعب إسرائيل من أرض العبودية، وأقام لهم شرائع العبادة في البرية، جاءت تعاليم دقيقة حول تقديم الذبائح لله. وكان سفر اللاويين هو النور الذي يهدي الكهنة والشفيعين في كيفية الاقتراب إلى القدوس. وفي الأصحاح السابع، نجد تفاصيل عميقة عن ذبيحة السلامة، تلك الذبيحة التي كانت تُقدّم شكرًا لله أو نذرًا أو بكمال القلب.

### **التحضيرات المقدسة**

في خيمة الاجتماع، حيث يغطي سحاب مجد الرب المكان، وقف هارون الكاهن وأبناؤه مرتدين أثواب الكهنوت البيضاء المطرزة بالذهب والأرجوان. وكانت رائحة البخور تملأ المكان، بينما كان الشعب ينتظر خارجًا، حاملين معهم قرابينهم. أوصى الرب موسى قائلًا: “هذه هي شريعة ذبيحة السلامة التي تُقرّب للرب…” (لاويين 7: 11).

كانت الذبيحة تُقدّم من البقر أو الغنم، ويجب أن تكون سليمة بلا عيب. فإذا جاء أحد بنذر أو بتقدمة شكر، كان عليه أن يأتي بحيوان صحيح، يضعه بين يدي الكاهن. وكان الكاهن يضع يده على رأس الذبيحة، رمزًا لنقل الخطية أو التعبير عن التسليم الكامل لله. ثم يُذبح الحيوان، ويُرش دمه حول المذبح، لأن “حياة الجسد هي في الدم” (لاويين 17: 11).

### **الشكر والفرح المقدس**

من بين أنواع ذبائح السلامة، كانت هناك ذبيحة الشكر، التي تُقدّم عندما يختبر الإنسان نعمة الله العظيمة، مثل الشفاء من مرض أو النجاة من خطر. كان الشخص الذي يقدم هذه الذبيحة يأتي مع أحبائه، ويقدم مع الذبيحة خبزًا فطيرًا مخلوطًا بزيت، وأقراصًا منفوشة بدهن، ودقيقًا ممزوجًا بزيت. وكانت هذه كلها تُوضع بين يدي الكاهن، الذي يرفع جزءًا منها تقدمة للرب.

ثم يأكل الكاهن جزءًا من الذبيحة، ويأكل المقدم وأهل بيته الباقي في مكان طاهر، في فرح وابتهاج. لكن كان هناك تحذير صارم: “كل من كان طاهرًا يأكل منها، ولكن إن أكل منها إنسان وهو غير طاهر، يُقطع من شعبه” (لاويين 7: 20). لأن القداسة كانت مطلبًا أساسيًا في حضرة الله.

### **الدهن والدم: قدسية الرب**

وأكد الرب مرة أخرى على حرمة أكل الدهن أو الدم. فالدهن كان يُحرق كله على المذبح رائحة سرور للرب، والدم كان يُسكب عند قاعدة المذبح. لأن الدم يمثل الحياة، والدهن يمثل أفضل ما في الذبيحة. فمن يأكل شيئًا منهما كان يُعتبر متعديًا على قدسية الرب، ويواجه عقابًا شديدًا.

### **الكهنة وشركتهم مع الرب**

أما الجزء الذي يُخصص للكاهن، فكان صدر الذبيحة وساقها اليمنى. كان هذا عطية من الرب للكهنة، علامة على أنهم شركاء في الخدمة المقدسة. وكان الكهنة يأكلونها في مكان طاهر، متذكرين دائمًا أنهم وسطاء بين الله والشعب.

وهكذا، كانت ذبيحة السلامة ليست مجرد طقسًا دينيًا، بل كانت لقاءً مقدسًا بين الخالق والمخلوق، حيث يُعلن الإنسان امتنانه، ويختبر بركة الشركة مع الله.

### **العبرة الأبدية**

اليوم، ونحن نقرأ هذه الشريعة، نتذكر أن ذبيحة المسيح على الصليب هي اكتمال كل هذه الذبائح. فهو حمل الله الذي رفع خطايا العالم، وصار سلامنا (أفسس 2: 14). وما زال يدعونا لنقدم له ذبائح الشكر، ليس بدم الحيوانات، بل بتسبيح الشفاه وبأعمال المحبة.

لأن الرب قدوس، وهو يريدنا أن نكون قديسين، كما جاء في اللاويين: “كونوا قديسين لأني أنا قدوس” (لاويين 11: 45). وهكذا، تبقى كلمته نورًا لسبيلنا، ووعوده أمينة إلى الأبد.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *