الكتاب المقدس

بناء الحياة على الحجر الحي في رسالة بطرس الأولى

**قصة بناء على رسالة بطرس الأولى الأصحاح الثاني**

في أيام الرسل الأولى، حين كانت الكنيسة الناشئة تتعلم كيف تسير في نور المسيح، كتب الرسول بطرس رسالة ملهمة للمؤمنين المشتتين في كل مكان. كانت كلماته كالنور الذي يضيء في الظلمة، يذكرهم بهويتهم الجديدة في المسيح ودعوتهم العظيمة.

**1. التخلّي عن كل شر**
بدأ بطرس يحثّ المؤمنين قائلاً: “اِطرحوا كلَّ شرٍّ وكُلَّ خداعٍ والرياءَ والحسدَ وكُلَّ نميمةٍ.” كان يعرف أن القلب الذي يحمل هذه الخطايا لا يمكنه أن ينمو في الإيمان. فكيف يمكن للإنسان أن يتذوق حلاوة كلمة الله إن كان لسانه يفرز السموم؟ وكيف يمكنه أن يحب إخوته إن كان قلبه مليئاً بالحسد؟

في إحدى القرى البعيدة، كان هناك رجل اسمه أليعازر، كان معروفاً بين المؤمنين بحكمته ومحبته. لكن في داخله، كان يعاني من مشاعر مريرة تجاه صديقه يوحنا، الذي نال تكريماً في الكنيسة. كلما رأى يوحنا يخدم، اشتعلت نار الحسد في صدر أليعازر. لكنه عندما قرأ كلمات بطرس، انكسر قلبه. سقط على ركبتيه وبكى، طالباً من الله أن ينقّيه. ومن ذلك اليوم، قرر أن يترك كل مرارة، وبدأ يبارك يوحنا بدلاً من أن يحسده.

**2. الأطفال الرضع في الإيمان**
واصل بطرس قائلاً: “كأطفالٍ مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ.” كان يذكّرهم بأن الإيمان يبدأ ببساطة كالطفل الذي يتعلق بأمه. فكما أن الطفل لا يستطيع العيش دون لبن، هكذا المؤمن لا ينمو دون كلمة الله.

في مدينة أخرى، كانت امرأة اسمها مريم، حديثة الإيمان، تشعر بالضعف لأنها لم تكن تعرف الكثير عن الكتاب المقدس. لكنها كل يوم، كانت تجلس عند قدمي أحد الشيوخ لتسمع كلمة الله بلهفة. كانت كالطفل الجائع، تفتح فمها لكل آية، فبدأ إيمانها ينمو ويقوى. ورغم أنها بدأت صغيرة، إلا أن غيرتها للرب جعلتها نوراً في بيتها، حتى أن زوجها آمن بالمسيح بسبب إيمانها البسيط والعميق.

**3. الحجر الحي والحجارة الروحية**
ثم كتب بطرس بأسلوب نبوي: “فَإِنْ كُنْتُمْ تَأْتُونَ إِلَى ذَلِكَ الْحَجَرِ الْحَيِّ، الْمَرْفُوضِ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنِ الْمُخْتَارِ مِنَ اللهِ الْكَرِيمِ، فَأَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ حِجَارَةٌ حَيَّةٌ.” كان يشير إلى المسيح، الذي رفضه العالم لكنه حجر الزاوية في ملكوت الله.

في تلك الأيام، كان هناك بناء اسمه ناثان، كان يعمل في تشييد الهياكل الفخمة. وعندما آمن بالمسيح، فهم أن حياته لم تعد له، بل صار حجراً حياً في هيكل الله الروحي. بدأ يستخدم مهاراته لخدمة الكنيسة، يصلح البيوت للمحتاجين، ويبني صداقات مع الخطاة ليقودهم إلى المسيح. كان يعرف أنه جزء من بناء عظيم، لا يُصنع بالأيدي، بل بروح الله.

**4. الشعب المختار والكهنوت المقدس**
وأكمل بطرس: “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ.” هذه الكلمات أشعلت قلوب المؤمنين. لقد كانوا يوماً ما بعيدين، لكنهم الآن مقربون بدم المسيح.

في قرية صغيرة، عاشت عائلة كانت تعبد الأصنام. لكن عندما سمعوا الإنجيل، تغيرت حياتهم. الأب، الذي كان كاهناً للأوثان، صار الآن كاهناً لله الحقيقي، يقدم ذبائح روحية بالتسبيح والصلاة. أدرك أن كل مؤمن هو كاهن، وكل بيت يمكن أن يكون مذبحاً للعبادة.

**5. الحياة بين الأمم**
وختم بطرس رسالته بتذكيرهم: “اِحْفَظُوا سِيرَتَكُمْ حَسَنَةً بَيْنَ الأُمَمِ، لِكَيْ يَكُونُوا فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَأَنَّهُمْ فَاعِلُو شَرٍّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الِافْتِقَادِ.”

في مدينة مليئة بالفساد، كان هناك تاجر اسمه فيلبس، عُرف بأمانته. رغم أن زملاءه كانوا يغشون في البيع، إلا أنه رفض أن يفعل ذلك. في البداية، سخروا منه، لكن مع الوقت، بدأوا يحترمونه. وعندما سألوه عن سبب أمانته، أجاب: “لأن سيدي المسيح يراني.” فتحت شهادته الباب أمام الكثيرين ليعرفوا الإنجيل.

وهكذا، عاش المؤمنون الأوائل كغرباء في العالم، لكنهم كانوا مواطنين في ملكوت الله. بنوا حياتهم على الحجر الحي، وعاشوا كحجارة حية في هيكله المقدس، مقدمين مجداً لله في كل شيء.

فليتكل كل من يقرأ هذه الكلمات على النعمة الإلهية، وليعيش كحجر حي في بناء الله الأبدي.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *