**قصة بوابي الهيكل: إخوة الخدمة الأمينة**
في أيام الملك داود، عندما استقر تابوت العهد في أورشليم، وبدأت الاستعدادات لبناء هيكل الرب العظيم، اهتم داود بكل تفاصيل الخدمة المقدسة. ومن بين تلك التفاصيل، كانت مهمة البوابين، الذين سيكونون حراسًا لأبواب بيت الله، يحرسون قدس الأقداس ويحفظون نظام العبادة.
وكان بين عائلات اللاويين عائلة مشهورة بأمانتها وقوتها، هي عائلة **قورح**. ومن نسل قورح خرج رجال أشداء، أمناء في خدمتهم، فاختارهم داود ليكونوا بوابي الهيكل. وكان رئيسهم رجلاً يُدعى **مشلميا**، ابن قورح، من نسل أبياساف. وكان لمشلميا أولاد أبرار، نشأوا على حب خدمة الرب، فتعلموا منذ صغرهم أن حراسة بيت الله هي شرف عظيم.
### **أبناء مشلميا: حراس الأبواب**
كان لمشلميا سبعة أبناء، كل منهم قويٌ أمين:
1. **زكريا**: وكان بكر مشلميا، رجلاً حكيماً، يمتلك بصيرة روحية، فكان يتفقد البوابين ويوجههم بحكمة.
2. **يديعئيل**: وكان شجاعاً لا يخاف، يقف عند البواب بقلب ثابت كالأسد.
3. **زبديا**: وكان سريعاً في خدمته، لا يتكاسل، كأنه يسبق الريح في حراسته.
4. **يثنئيل**: وكان وديعاً، لكن غير متراخٍ، يعمل بصمت لكن بإخلاص.
5. **عيلام**: وكان ماهراً في ترتيب الفرق، يعرف كيف ينظم الخدمة.
6. **يهوحانان**: وكان ذا فهم عميق، يعرف تعاليم الشريعة فيحفظ البيت من الدنس.
7. **أليحويناي**: وكان الأصغر سناً، لكن غير أقل غيرة، يخدم بروح متواضعة.
هؤلاء السبعة صاروا رؤساء فرق البوابين، يقسمون الخدمة بينهم وبين إخوتهم وأبناء عمومتهم من عائلة قورح. وكان عددهم في المجمل مئات الرجال، كل منهم مدرب على الحراسة، يعرفون أنهم لا يحرسون مبنىً من الحجارة، بل بيت الرب الحي.
### **تقسيم الخدمة بين البوابين**
بحسب أمر داود، قُسم البوابون إلى فرق، كل فرقة تخدم في وقت محدد:
– **فرقة الشرق**: وكانت أهم البوابات، لأنها المدخل الرئيسي للهيكل. وكان رئيسها **شلوميا**، أحد أبناء مشلميا الأشداء.
– **فرقة الشمال**: وكان عليها **حلقيا**، رجلٌ ثابت كالجبل، لا يتحرك أمام أي تهديد.
– **فرقة الجنوب**: وكان قائدها **عوبيد أدوم**، الذي سبق أن بارك الرب بيته لأنه حفظ تابوت العهد قبل أن يُنقل إلى أورشليم.
– **فرقة الغرب**: وكان رئيسها **شوبائيل**، من نسل موسى، رجلاً حكيماً في تدبير الأمور.
وكانت كل فرقة تتناوب الخدمة أسبوعاً بعد أسبوع، فلا يخلو الهيكل من الحراسة في أي وقت. وكان البوابون لا ينامون في الليل، بل يسهرون كالمراقبين، لأن بيت الرب يستحق السهر.
### **عوبيد أدوم وبركة الخدمة**
وكان بين البوابين رجل اسمه **عوبيد أدوم**، الذي اشتهر ببركة الرب عليه. فقد كان تابوت العهد في بيته فترة من الزمن بعد أن عاقب الرب عزة لمسه التابوت بغير حذر. وفي تلك الفترة، بارك الرب بيت عوبيد أدوم بسبب إجلاله للتابوت. ولما رأى داود ذلك، اختاره ليكون من بوابي الهيكل الدائمين، قائلاً: **”ليكن هذا الأمين وبنوه حراساً لبيتي، لأن الرب يحب من يخافه”**.
فصار عوبيد أدوم وبنوه **68 رجلاً**، كلهم أمناء في الخدمة، يعملون بخشوع، متذكرين دائمًا أنهم يقفون في حضرة القدوس.
### **الكنوز والأمانة**
ولم تكن مهمة البوابين تقتصر على الحراسة فقط، بل كانوا أيضًا مسؤولين عن كنوز بيت الرب: الذهب، والفضة، والأواني المقدسة. وكان **أخيا**، أحد أقارب مشلميا، مسؤولاً عن خزائن الأقداس، يحفظها كأمانة غالية. وكان داود قد أوصاهم قائلاً: **”ليكن كل منكم أميناً في ما اؤتمن عليه، لأن كنوز الرب ليست ككنوز الأرض، بل هي مقدسة للرب”**.
فكان البوابون يتناوبون على حراسة الخزائن، لا يأخذون منها شيئًا، بل يحرسونها كعيونهم، لأنهم يعلمون أنهم وكلاء على ما هو للرب.
### **ختام القصة: إرث الأمانة**
وهكذا، استمرت خدمة البوابين جيلاً بعد جيل، حتى اكتمل بناء الهيكل في أيام سليمان. ولكن أساس الخدمة الأمينة كان قد وُضع في أيام داود، بتدبير إلهي حكيم.
وفي كل مرة كان أحد البوابين يقف عند أبواب الهيكل، كان يتذكر كلمات داود: **”افتحوا لي أبواب البر، أدخل فيها وأحمد الرب. هذه هي بوابة الرب، والأبرار يدخلون منها”**.
فكانوا يدخلون بخدمتهم الأمينة، ويخرجون ببركة الرب، لأن من يخدم بيت الرب بإخلاص، يكافئه الرب بأعظم من الذهب والفضة: برضاه ونعمته.
وهكذا صار بوابو الهيكل مثالاً للأمانة، تاركين إرثًا من الإخلاص لكل من يخدم الرب بقلب كامل.