الكتاب المقدس

قصة نصيب سبط منسى ويوسف في أرض الميعاد

**قصة نصيب سبط منسى ويوسف (يشوع 17)**

في تلك الأيام، بعد أن قسّم يشوع بن نون الأرض الموعودة بين أسباط إسرائيل، تقدّم رؤساء سبط منسى، وهم من نسل يوسف الصدّيق، ليطالبوا بنصيبهم. فقد كانوا سبطًا عظيمًا، إذ بارك الله فيهم وكثّرهم حتى صاروا شعبًا كبيرًا.

فتكلّم بنو منسى قائلين: “يا يشوع، إن الرب قد أعطانا نسلًا كثيرًا، فكيف تكفينا هذه الأرض الصغيرة؟” فنظر يشوع إليهم بحكمة وقال: “إذا كنتم شعبًا عظيمًا كما تقولون، فاصعدوا إلى أرض الأحراش حيث تسكن الكنعانيون والفرزيون، واقطعوا لأنفسكم مسكنًا هناك، لأن جبل أفرايم ضيّق عليكم.”

لكن بني منسى أجابوا: “لا تكفينا تلك الأرض وحدها، لأن الكنعانيين الذين يسكنون في السهل لديهم مركبات من حديد، في بيت شان والقرى التابعة لها، وكذلك في وادي يزرعيل.” فتبسّم يشوع وقال: “أنتم سبط عظيم وقوي، ولن تعجزوا عن طرد الكنعانيين حتى لو كان لديهم مركبات من حديد، لأن الرب إلهكم معكم، وهو الذي يقاتل عنكم كما وعد.”

ثم أخذ يشوع يحدّد نصيب سبط منسى حسب عشائرهم. فكانت الأرض من نهر الأردن شرقًا إلى البحر غربًا، وشملت مدنًا عظيمة مثل شكيم، التي كانت مدينة مشهورة بين الجبال. وكانت هذه الأرض لبنى مكير، البكر من منسى، أبي جلعاد، لأنه كان رجل حرب، فأعطيت له جلعاد وباشان.

أما بقية عشائر بني منسى، مثل عشيرة أبيعزر وحالك وحبرام وشكيم وشاميد، فقد نالوا نصيبهم حسب عددهم. وكانت حدودهم تمتد عبر التلال والوديان، حيث تنتشر أشجار الزيتون والكروم، وتتدفّق ينابيع المياه العذبة.

لكن بني منسى لم يطردوا الكنعانيين تمامًا من أرضهم، بل تركوا بعضهم يسكنون بينهم، لأنهم خافوا من مركباتهم الحديدية. وهكذا، بقيت تلك الشعوب تعيش بين الإسرائيليين، لكنها صارت تحت الجزية، يعملون كخدم لهم.

وهكذا تمّ تقسيم الأرض، لكن يشوع ذكّرهم قائلًا: “لا تخافوا من مركبات الحديد ولا من جبروت الكنعانيين، لأن الرب سيسلّمهم لأيديكم إذا ثبتم على عهده وطلبتم نصيبكم بالإيمان والشجاعة.”

فانصرف بنو منسى إلى أرضهم، بعضهم راضٍ، وبعضهم متسائلٌ إن كانوا قادرين على امتلاك كل ما أعطاهم إياه الرب. لكن الله كان أمينًا في وعده، وكان عليهم أن يثقوا به ويحاربوا بإيمانه.

وهكذا، صارت أرض منسى شاهدًا على بركة الله لنسل يوسف، وعلى أهمية الإيمان والشجاعة في امتلاك المواعيد الإلهية.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *