**قصة المزمور الرابع عشر: حين ينسى الإنسان الله**
في قديم الأيام، عندما كانت الشعوب تتكاثر على الأرض، وانتشرت الأمم في كل اتجاه، حدث أن ابتعد الناس عن معرفة الرب. كانوا يعيشون كما لو أن الله غير موجود، فسادت الفوضى والشر في قلوبهم. يقول المزمور: **”الْجَاهِلُ قَدْ قَالَ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلَهٌ!”** (مزمور ١٤: ١).
### **قرية بلا خوف من الله**
في إحدى القرى الواقعة بين الجبال، عاش قومٌ نسوا الرب. كانوا يظنون أنهم أذكياء وحكماء، لكنهم في الحقيقة كانوا قد أظلمت عقولهم. كان رئيس القرية رجلاً يُدعى “عامون”، وكان يقول في نفسه: “من يثبت أن الله يرانا؟ لن نُحاسَب على أفعالنا!” فانتشر الظلم بينهم، وأصبح القوي يظلم الضعيف، والغني يستغل الفقير.
كانت هناك أرملة فقيرة تُدعى “نعمة”، تملك بقرة واحدة هي مصدر رزقها ولبن أطفالها. فجاء أحد أشرار القرية وسرق البقرة، وعندما اشتكت إلى القاضي، رشاه السارق فحكم لصالحه. صرخت نعمة إلى الله، لكن أهل القرية سخروا منها وقالوا: “أين إلهك؟ لماذا لا ينقذك؟”
### **الله ينظر من السماء**
لكن الرب، من علو سمائه، كان يرى كل شيء. يقول المزمور: **”الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟”** (مزمور ١٤: ٢). نظر الله إلى القرية فلم يجد فيها باراً واحداً. الجميع انحرفوا، حتى الذين كانوا يظهرون التقوى كانوا في السر يعملون الشر.
وفي تلك الأيام، كان هناك رجل صالح يُدعى “ألياقيم”، يعيش على حافة القرية. كان يخاف الله ويُصلي في الخفاء، لأنه لو عرف أهل القرية بإيمانه لسخروا منه أو حتى قتلوه. رأى ألياقيم شرور الناس، فحزن كثيراً وصرخ إلى الرب: “يا رب، إلى متى يظلم الأشرار؟ إلى متى يستهزئون بقداستك؟”
### **عقاب الله للظالمين**
فأرسل الله نبوءة في قلب ألياقيم: “ها أيام الشر ستنتهي، لأن الرب سيدين الأشرار.” ولم تمضِ أيام حتى جاءت جيوش غازية من مملكة مجاورة، فنهبت القرية وأحرقت بيوتها. هرب الأشرار الذين كانوا يظنون أنفسهم أقوياء، لكنهم لم يجدوا ملجأ. أما نعمة الأرملة، فقد أرشدها الله إلى كهف في الجبل، فاختبأت فيه مع أولادها، وحفظهم الرب من الأذى.
وعندما انتهت الأيام الصعبة، عاد ألياقيم ونعمة إلى أنقاض القرية. فقال ألياقيم: **”هَذَا هُوَ يَوْمُ دَيْنُونَةِ الرَّبِّ. لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ: لاَ يُوجَدُ صَالِحٌ، لاَ وَلاَ وَاحِدٌ!”** (مزمور ١٤: ٣). لكنه أضاف: “لكن الله ملجأ للفقراء، وهو سيُخلّص إسرائيل من كل شر.”
### **خلاص الرب لشعبه**
وبمرور الزمن، تعلم الناس الدرس. عاد بعضهم إلى الرب، وبنوا حياتهم على البر والعدل. أما الذين أصرّوا على الشر، فقد زالت ذكراهم. وهكذا تحقق قول المزمور: **”آهِ! لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ تُخَلَّصُ إِسْرَائِيلُ! عِنْدَمَا يَرُدُّ الرَّبُّ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَفْرَحُ يَعْقُوبُ وَيَبْتَهِجُ إِسْرَائِيلُ!”** (مزمور ١٤: ٧).
فليتذكر كل من يقرأ هذه القصة أن الله يرى كل شيء، وسيجازي كل إنسان حسب أعماله. فطوبى للذين يطلبون الرب ويخافونه، لأنهم سيكونون تحت حمايته إلى الأبد.